في ظلال الفوضى
أفق جديد
في تطور لافت في الصراع الذي طال أمده في السودان، يبدّل أحد القادة الكبار ولاءه من قوات الدعم السريع، ملتحقاً بصفوف الجيش السوداني؛ كأبرز مسؤول رفيع المستوى ينشق منذ اندلاع القتال العام الماضي. لكن انتقال أبو عاقلة محمد أحمد كيكل شكل في ذات الوقت نقطة فارقة في خارطة الأعمال العدائية المستمرة في السودان.
ويمكن تمييز لحظة الانشقاق في التقويم الحربي على أنها النقطة الفاصلة بين شبهة الهدوء التي اكتنفت المشهد في شرق الجزيرة لأشهر طويلة، ومرحلة ابتدار الحملات الانتقامية من قبل قوات الدعم السريع، حيث تكبدت المنطقة جراء الاجتياح الكثير من القتلى والفوضى.
في الأثناء أعلن مؤتمر الجزيرة (كيان مدني)، مواصلة جهوده لإدانة قوات “الدعم السريع”، وتصنيفها منظمة إرهابية ومحاسبة قادتها، نظرا للجرائم التي ارتكبتها في حق المواطنين بالولاية.
وبالنسبة للمستشار القانوني للمؤتمر، هيثم الشريف فإنّ مؤتمر الجزيرة، يسعى إلى تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا المدنيين ومحاسبة الجناة بولاية الجزيرة (وسط السودان) التي اجتاحتها قوات “الدعم السريع” في ديسمبر من العام الماضي”.
ويؤكد الشريف أن “ديباجة تأسيس المؤتمر تشمل تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا على الانتهاكات الجسيمة التي وقعت على المدنيين في ولاية الجزيرة من خلال اتخاذ خطوات فاعلة ومتعددة المستويات”.
وأوضح خلال تصريحات خاصة لـ”أفق جديد”، أن “المؤتمر شرع منذ البداية في رصد وتوثيق كافة أشكال الانتهاكات التي طالت المواطنين والبنى التحتية والاقتصادية في الولاية”، منوّها في السياق إلى أنّ اللجنة القانونية لمؤتمر الجزيرة قامت بتحريك دعوى جنائية لدى اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني التي شكلها النائب العام بكافة المستويات التي وقعت بولاية الجزيرة.
وطبقاً للشريف فإنّ مؤتمر الجزيرة “يعتزم التوجه نحو جميع الآليات المتاحة، بدءاً من الأدواء القانونية والمؤسسات المحلية التي تُعني بمساءلة المتورطين في الانتهاكات، مروراً بالآليات الإقليمية والدولية والمحاكم الجنائية الدولية، بهدف تكثيف الضغط على الجهات المسؤولة وضمان محاسبة عادلة وشاملة لكل من تسبب في الجرائم والانتهاكات التي طالبت مواطني ولاية الجزيرة”.
وأضاف خلال حديثه مع “أفق جديد”: “الآن نعمل على إضافة الانتهاكات في المذكرة القانونية من خلال رصدنا للانتهاكات التي وقعت مؤخرا بمناطق وقرى وبلدات شرق الجزيرة”.
ويهدف “مؤتمر الجزيرة” الذي تأسس في يوليو 2024، إلى الوقف الفوري للمجازر والقتل والتشريد والتهجير القسري للمدنين، والعمل بكل الوسائل والأدوات لملاحقة قوات الدعم السريع قانونيا وسياسيا وإعلاميا، باعتبارها المسؤول المباشر عن الجرائم والانتهاكات والفظائع التي أدت إلى نزوح معظم أبناء الجزيرة خارج الولاية.
كما يهدف المؤتمر إلى الضغط على قيادة الجيش السوداني، لتحمل مسؤولية الانسحاب من الولاية، والعجز الكامل عن حماية المدنيين، وعدم الجدية في التحقيق المعلن يوم سقوط الولاية، والخذلان المتكرر وعدم التحرك لوقف المجازر والمذابح التي تحدث في معظم قرى الجزيرة.
ويهدف المؤتمر أيضا إلى مخاطبة الأمم المتحدة وهيئاتها الحقوقية المختصة ومنظات العون الإنساني لحثها للتفاعل الإيجابي والسريع مع ما تتطلبه الوع الكارثي في ولاية الجزيرة.
وبحسب مؤتمر الجزيرة فإن هجمات الدعم السريع الانتقامية على شرق الجزيرة تسببت في نزوح نحو 400 ألف شخص، بعد تهجير سكان نحو 400 قرية بشكل كامل من أصل 515 قرية في المنطقة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان، بما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.