أعن هذا، يسار الى الطعان؟ .. (تأملات في حالنا، ومآلنا) (1)

عبدالغني كرم الله

(1)

انظروا،…
تاملوا معي صورتهم، ولو بعين خيالكم:

(كم وديع حميدتي، وما ارق كيكل، والبرهان، وسقراط، والمسيح، كلهم ودعاء، كالحمام).

اراهم الان اطفال، في عين خيالي، ولدوا للتو، ودعاء فعلا كالحمام، صغار، عراة، أليس هناك برد في الرحم؟ او ضمير حرام وحلال؟ ومصلعين ايضا، اهناك “حلاق” في الرحم؟.

انهم حديثي عهد بالحياة، بالولادة، خرجوا ابرياء من الرحم، فماذا جرى بعد ذلك؟ وافسد هذه البراءة الخلاقة؟ او نماها وتسامى بها؟ وبأي موازين، أطفأ هذه، وأشعل تلك؟.

اذن سر الازمة، وصناعة القبح، يجب ان تبحث من هذه الحقبة المؤثرة، ومتى وكيف تلوثت بعد ذلك، او تسامت، بل الحقبة بدات قبل الميلاد، في الرحم واهمية هذه السنة (سنة الرحم، كما يسميها أهل الصين)، فأي أم، وأي اب، صاغوا لحن حياتك، او دموع مصيرك، وكيف تم اختيار الام او الاب،!

ذكرني هذا التبدل، وفحص المعضلات، بعمق وتروي، بالسيد بوذا، الحكيم وصاحب التعليم التجريبي، المرح مع تلاميذه،.

كان يشجع تلاميذه عن دقة الفكر، والبحث عن اصل المعضلة، وليس تداعياتها، حين امر تلاميذه بالاصطفاف، حلقة حول فم “زير كبير” ، ملئ بالماء، إلا أن هناك فقاقيع تظهر على سطح الماء، فسألهم محاربتها،.

حاولوا كلهم (فقع) الفقاقيع، واختلفت سرعتهم حسب مهارة كل منهم، ولكن ظلت الفقاقيع تظهر رغم ذلك، تباعا.

حتى اتى اخر تلاميذه، نظر للماء والفقاقيع جيدا، عرف موقعها، ادخل يده داخل قعر الزير، واخرج بيده (فخارة، طوبة)، هي مصدر هذه الفقاقيع، لا اكثر، مضى للسبب الاصلي، وليس للنتايج، واجتثه من اصله، وسكن سطح الماء، البارد، وكفى الله فم الزير تلكم الفقاقيع التي تشبه عيون السمك.

اذن نحن امام فقاقيع الحرب، وتداعياتها، نحاول اطفاء نارها على السطح، ونسينا القعر (الطفولة واساليب التربية وبيئة الوعي والتنمية والتكوين الأول)، نحارب سطح المشكلة، وجذرها يفرخ، ويثمر القبح عبر التاريخ (عشرات الحركات المسلحة)، فقاقيع على زير الوطن، فأين التلميذ النجيب؟!.

لذا حروبنا طالت، عقود نحارب، عقود نلمس المظهر، وندير الراس عن الجوهر (فقاقيع الفقر، الجهل، المرض، العنصرية، التهميش)، فهيهات أن يهدأ السطح، والقعر معتكر، ايستقيم الظل، وعود الدواخل اعوج؟ لا، ثم لا.

لذا صرخ معاوية نور قبل (قرن) تقريبا، عن ذات المشاكل والحروب الاهلية (السلام لا يتأتى بنزع السلاح، انما بنزع الصغائن من النفوس)، فهي علة الحرب، هي الايدي الحقيقة التي تحمل السلاح (الضغائن) فكيف تنزع؟،.

الايدي لا تتحرك وحدها، يحركها القلب، وموروثه، (موهبة كانت او حقد)، كي ترسم او تضغط الزناد، كل اناء بما فيه ينضح، اذن العلة وراء اليد هي القلب، (هو الاولى بتغيير نواياه، من ضغائن، الى حب)، وفيه مصلحه الجميع.

هناك عوامل كثر، لكنها خفية، تحتاج تدبر واشعة اكس، كي ترى بوضوح، وتحدد، وتنزع بعزم، وإلا (عينا للفيل، ونحارب ظله)، لكن (ربما نحتاج شجاعة فكرية)، لاننا في زمن (تكفير التفكير). ولسان حالنا كالجنيد، حين عرف حقيقة الصدق (ان تصدق في مواطن لا ينجيك منها إلا الكذب)، لذا يكذب الناس، فثمن الصدق (الموت).

لذا، اصبحنا نخاف التجديد، (رغم انو الثبات وهم، والحياة والافكار والطبيعة لا تكف عن الحركة في كل وقت)، تقاد حياتنا برسن الماضي، (الكسل وخوف التغيير، حتى انشدت عقد الجلاد (دنيا تتغير، ودنيا ادمنت عشق الثوابت)، خوف التغير والركون للجمود، فصدأت الروح والاعراف والمناهج، بل والحياة،.

لكن لا مفر من الفكر، فهو أكسير الحياة، ان تخلص من آفته (الرغبة او الرهبة)، التي تلويه الى مقاصدها، وهو (أو الفكر)، بمثابة فرح ود تكتوك حلال المشبوك، فأي عقل حر، هو (حلال المشبوك)، اي عقل ثروة، افكاره تحل مشاكل كثر، ألا نذكر معضلة رفع الحجر الاسود، واحتدام الحوار، منذرا بحرب تفوق البسوس، لو لا فكرة طرأت على عقل الفتى محمد حينها، عليه السلام، بطرح ملاءة ووضع الحجر عليها، وكل قبيلة تمسك بطرف منها، (فكرة) حلت الفتنة، فلم نعطل العقول (وافكارها)، فما اكثر تكلفة الجهل.

وانا انظر للصورة (طفولتهم)، التي تشبه طفولة مطلق بشر، حميدتي ومضارب خيم بين النجوع، وهو يجري هنا وهناك، وكيكل وهو يحدق مذهولا، في سماء البطانة، ونجومها الزهر، فماذا جرى؟

براءة عجيبة، أعن هذا يسار الى الطعان؟ فلم؟

يتبع 1-2-3-4

عبد الغني كرم الله

كاتب وروائي،سوداني له عدة كتابات في مجالات مختلفة و اصدر، مجموعة قصص قصيرة، وروايات، دمهتم بإدب الاطفال واليافعين، كتب في عدة مطبوعات ودوريات عربية واجنبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى