هكذا تعاملت الإنقاذ مع المرأة.. (بعض من نقاط حزينة)

عبد الغني كرم الله

نقطة أولى:

في بداية التسعينيات، أنا وأختي في طريقنا إلى امتداد ناصر، هممنا بركوب البص الأزرق العتيق، إذ هجم علينا ثلاثة شبان، وبعيون حمراء، وصلف مرير صاحوا في الجمع:

لا، أي حرمة تركب ورا، هكذا قرار، (نهير مستفز، وقرار قبيح)، ركبوا النساء في الخلف، خوف نظرات الرجال، (الوجه والصوت عورة)، هذا أول ثمار مرة جنتها رسولة الحياة، المرأة).

تداعت الوقائع المريرة، لركوب النساء في الخلف، والسفريات الطويلة، وبصات السفر أصلا هي (لواري)، شحن بضاعة، عدلت كبصات سفر، وقد أسفر القرار عن حالات إجهاض عظيم، في نواحي السودان وطرقه الوعرة وسهوله المديدة، وحالات غضروف وآلام ظهر، وخدش كرامتهن العزيزة.

نقطة ثانية:

مضينا أنا وابن خالي، لإحضار أخته من الداخلية، الجامعة، لعرس في الدار، عند الباب أقسم ضابط السجن (شباب الداخلية)، بعدم خروجها، (بعد السابعة)، لوائح حبس البنات منذ السابعة، وحذف سحر الليل والأهل والفعاليات الثقافية، فقط نوم في ظلام وزحام دامس، وحرمان من حياة الثقافة والفن والأسرة.

نقطة ثالثة:

قالت فاطمة المرنيسي، الناشطة الشهيرة، إن المرأة تخرج من الدار وهي تلبس (17) قطعة قماش، بوتيك متحرك، لا محال يشل الحركة، ويضاعف الحرارة، أما عندنا ربما أكثر، أكفان معاصرة، لعقول مشغولة دوما بأنوثة المرأة، لا إنسانيتها، وصاية مؤذية، لمارد عظيم، هو قلب الحياة، (المرأة).

نقطة رابعة:

المرأة، حتى في الأغاني، قص الحكم الجائر أي غزل طالها، أغلب أغنيات أبوداود ووردي، طالها القص والفتك والحرق، أصبحت دار الإذاعة موقعة حربية، لأناس تطارد البنات داخل الأغاني، صار النهد أخطر من قنبلة عندهم (والبرتقان نهدك مدردم)، تخيفهم جدا، أهؤلاء مرضى؟ أم ماذا؟

نقطة خامسة:

حتى المشي يذم؟ ساقان تتحركان، لا تستحقان (ثورة الإنقاذ)، اسم يليق بها اكثر من (ثورة إهانة المرأة) أي بنت تطلع من البيت هي متهمة، ملابسها، بل حتى مشيتها، (كما جرى لناشطة شهيرة)، وبنطال لبنى الشهير، الذي أولفت فيه الكتب (صرنا مسخرة العالم)، مشية، كانت مدعاة شعر منذ الأزل (وكأن مشيتها من بيت جارتها، مشي السحابة لا ريث ولا عجل)، أما في مملكة الإنقاذ، فحرام حرام.

نقطة سادسة:

تمً تكوين جيش عظيم، وميزانية، وتدريب، ورواتب، وزنازين حبس، وصلاحيات اعتقال من الشارع، يسمى (النظام العام)، همه مراقبة الفتيات، كبارا وصغارا، اعتقالهن ومحاكمتهن وضربهن في قلب الشارع، أي إهانة هذه؟ اي جور وقبح طال الحياة بهذا السلوك؟

نقطة سابعة:

طال هذا الظلم، القوانين التي تمس المرأة، عنف القوانين، في الزواج والطلاق، وتبني الأبناء، وفي السفر والمحرم، وموافقة أولي الأمر لبنات راشدات، كانت صالة سفر مطار الخرطوم، صالة آلام، لأحلام سفر، دراسة، أو عمل، أو سياحة، وقد وئدت عند أمن وشرطة المطار.

نقاط حزن لا تحصى، مست الشعوب نيران أنظمة وحشية، لكنها قلصت مساحة الحرية، لكن الإنقاذ فاقتهم جميعا، فقد مس شرها مطلق سوداني، لجان شعبية، كراسات اجتماعاتها مزحومة بأخبار الحي، سوط الإنقاذ طال الجميع، تلصصت على البيوت، القلوب، الأغاني، التعليم، لذا غيرت ولوثت حتى نبض الحياة الفطري، الشعبي.

عبد الغني كرم الله

كاتب وروائي،سوداني له عدة كتابات في مجالات مختلفة و اصدر، مجموعة قصص قصيرة، وروايات، دمهتم بإدب الاطفال واليافعين، كتب في عدة مطبوعات ودوريات عربية واجنبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى