حكومة أمر واقع جديدة..!

قال رئيس حركة العدل والمساواة “المنشقة عن الحركة الأم” والمنضوية ضمن قوى تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية سليمان صندل انهم “وآخرون كثر من القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح قلنا إن الوسيلة الناجعة والفعالة، بل الوحيدة التي ننزع بها شرعية مجموعة بورتسودان، هو تشكيل حكومة داخل السودان، وليس في المنفي، كما يحاول أن  يشيعه البعض”.

ومعنى ما قاله صندل وبوضوح انهم يعتزمون تشكيل حكومة في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، وهو توجه يغذي بشكل مباشر مخطط تقسيم البلاد، وجرها للتفتت، وضرب وحدة اراضيها، وما قاله صندل تأكيد على ان ما ورد في البيان الختامي الصادر عن اجتماع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، حول احالة ملف تشكيل حكومة تنزع الشرعية من حكومة بورتسودان للجنة لدراسته لم يكن الحقيقة في هذا الجانب، أو اننا بصدد خلاف عميق قد يفضي لتفكيك هذا التحالف وشق وحدته.

وما يهمنا في هذا السياق توضيح جملة أشياء اساسية، حتى نفكك الفرضيات التي بنت عليها هذه القوى تصوراتها؛

أولا؛ السلطة القائمة في السودان لا تتمتع بأي شرعية على المستويين الاقليمي والدولي، وهذا الأمر هو واقع الحال منذ انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م، ولم يتغير موقف الاتحاد الافريقي من رفضه للاعتراف بالانقلاب وما تمخض عنه من سلطة ومؤسسات، انطلاقا من موقف الاتحاد الثابت بعدم التعامل مع الانقلابات العسكرية في القاهرة، وقد جدد تأكيد موقفه مؤخرا.

ثانيا؛ استنادا لموقف المنظمة الاقليمية فإن المجتمع الدولي سوأ كانت منظومات أو دول، لا تستطيع تخطي ذلك الموقف، وهي جميعها تتمسك برفضها لسلطة انقلاب ٢٥ اكتوبر، ولم يغير اندلاع الحرب شيئا.

ثالثا؛ السلطة القائمة حاليا هي سلطة أمر واقع، يتعامل معها الجميع وفق هذا الاعتبار، وقد تم تخطيها وتجاوزها من قبل من خلال محادثات جدة، التي نفذت مباشرة للجمع بين ممثلي القوات المسلحة والدعم السريع، وقد أصرت بعض مكونات الحكومة لاحقا على أهمية مخاطبة المجلس السيادي واشراك القوى الشريكة في الحكم بلا طائل، مما أدى لفشل آخر محاولة لأحياء منبر جدة.

رابعا؛ يمثل فقدان الشرعية عقبة كبيرة امام السلطة القائمة، لذلك خاضت معارك بلا توقف لجر المجتمعين الاقليمي والدولي للاعتراف بها، ورهنت قبولها ومشاركتها في أي محادثات، بما في ذلك المتعلقة بالعمليات الانسانية بذلك الاعتراف بالسلطة القائمة، وقد رضخت بعض الجهات لذلك الابتزاز، ولكن ذلك لم يغير من الواقع شيئا، فما زالت البلاد تعاني من العزلة والمقاطعة الاقتصادية من المنظومتين الاقليمية والدولية.

رابعا؛ تأسيس حكومات في مواقع سيطرة الدعم السريع لن يفكك شرعية حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، انما سيؤسس حكومات امر واقع جديدة، لن تكتسب الشرعية ولن تنال الاعتراف من أي جهات خارجية ذات ثقل ووزن. 

خامسا؛ إن تصريحات صندل ومن قبله بعض قادة الحركات المسلحة التي تؤكد تمسكهم ومضيهم في تأسيس حكومات بمناطق الدعم السريع، على الرغم من قرار إحالة مناقشة المقترح للجنة مختصة، يعني وبوضوح ان هذه المجموعة ماضية في تنفيذ طرحها ومتمسكة به، بغض النظر عن قرار تقدم، وهي بذلك قد اختارت طريقها، وسلكت مسلكا يخالف أسس العمل التحالفي.

ويجدر القول أن غالبية المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع تشهد انماطا من انتهاكات حقوق الانسان ومخالفات القانون الدولي الانساني فاقت كل تصور، واستعصت معالجتها حتى على لجنة المخالفات والظواهر السالبة التي شكلها قائد الدعم السريع، فما الذي تستطيع هذه الحكومة فعله، وكيف ستمارس سلطة لا تملك لها قوة تفرض بها القانون وتحمي المواطن، الا إذا كان المطلوب من هذه الحكومة هو أن تتحمل وزر هذه الجرائم، وتضفي على هذه المناطق سلطة زائفة لحكومة أمر واقع جديدة لا قيمة لمناصبها غير اسمائها..! 

وائل محجوب

كاتب صحفي ومحلل سياسي معتمد لدى العديد من القنوات الفضائية العربية وله مساهمات نظرية في القوانين المنظمة لمهنة الاعلام، وقدم العديد من أوراق العمل والبحوث في محاصرة خطاب الكراهية وأخلاقيات مهنة الصحافة عمل مديرا لتحرير صحيفة الأيام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى