سنار .. عام من الخوف والمُعاناة

توسع المعارك تسبب في فرار أكثر من 136 ألف شخص من سنار  

ولاية القضارف استقبلت نحو 90 ألف شخص من الوافدين من سنار بعد أيام من دخول الدعم السريع إلى مدن الولاية

الشتاء يقسو على النازحين

سنار – رفقة عبد الله

ما زالت أكثر من 30 قرية من قرى مصنع سكر غرب سنار تُعاني أوضاعًا إنسانية بالغة التعقيد، وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة من الكهرباء والمياه والدواء.

وفي ظل عدم وجود قوافل مساعدات كافية لإغاثة وانتشال الناس من واقعهم الكارثي يتراءى الواقع المأساوي متجسدا في الدمار والموت والنزوح والمرض في تلك القرى النائية.

وقالت الأمم المتحدة، إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهرًا من الحرب المدمرة.

ووجهت الأمم المتحدة نداء لجمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات إلى 20.9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30.4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة في ما أسمته “أزمة إنسانية غير مسبوقة”.

ورصدت “أفق جديد” التي زارت المنطقة معالم للحياة التي بدأت تدب في أوصال تلك القرى التي أنهكها الحصار، بعد العودة التدريجية للنازحين من مدن بورتسودان وكسلا والقضارف وحلفا الجديدة، أملًا في بدء حياة جديدة من الصفر.

وفي أواخر يونيو الماضي سيطرت قوات “الدعم السريع” على سلسلة “جبال مويا”، كما حركت قواتها من الجبل لاجتياح معظم مدن ولاية سنار الوسطية بما فيها عاصمتها سنجة، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الصحية مع توقف جميع المستشفيات والمراكز الصحية.

وأعلن الجيش السوداني في ديسمبر الماضي، بسط سيطرته على مصنع سكر غرب سنار حوالي 60 كيلو مترا جنوب غرب مدينة ود مدني وتمشيط القرى المحيطة بالمصنع.

وشهدت ولاية سنار نزوح الآلاف بسبب انعدام مقومات الحياة الأساسية من المأوى والطعام والشراب والأدوية.

وكانت ولاية القضارف قد استقبلت نحو 90 ألف شخص من الوافدين من ولاية سنار وإيوائهم بعد 3 أيام من دخول قوات “الدعم السريع”، إلى مدن الولاية.

وفي يوليو الماضي، قالت الأمم المتحدة إن توسع المعارك بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في جميع أنحاء الولاية تسبب في فرار أكثر من 136 ألف شخص من سنار.

يقول المواطن، أيوب علي، من قري سكر سنار، إن أكثر من 30 قرية تقع غرب السكر تضررت من حصار قوات الدعم السريع منها (شندي فوق، ود إبراهيم، الحلة الجديدة، العمارة، طيبة، والوحدة السكنية ود سلمان ) وغيرها من القرى التي سقط فيها قتلى وسط المواطنين.

وأوضح علي لـ”أفق جديد”، أن “الشهور الماضية صعبة على إنسان الولاية بصفة عامة، وعلى قرى مصنع السكر بصفة خاصة في ظل انعدام الأمن والغذاء والدواء. وصلنا إلى مرحلة أكل حبات الذرة”.

وأشار إلى أن قوات “الدعم السريع” مارست كل أنواع الانتهاكات ضد المواطنين من قتل وسرقة وقهر وضرب، ونهب كل المحلات التجارية بالقرية.

وتابع: “كل شخص يحاول منع الفوضى يُضرب بشدة ويجلد بالسياط، وأصبحت القرية خالية من  المواد الغذائية مما تسببت في جوع طاحن في قرى مصنع سكر سنار، والجوع كان أحد أسباب النزوح الجماعي للمواطنين”.

من جهتها تقول المواطنة، مُنى إبراهيم، “نزحنا من قريتنا (العمارة) إلى قرية (ود البخاري) لأنها أقل خطورة، لكن هذا لم يمنع محاولات عناصر قوات الدعم السريع الدخول للقرية واستخدام التدوين العشوائي ضد المواطنين وكنا نتوقع الهجوم علينا في أي وقت والكثير من الأهالي فروا من منازلهم خوفًا من الانتهاكات”.

وأضافت في حديثها لـ”أفق جديد”: “عناصر قوات الدعم السريع كانت تجبرنا على فتح مخازن المحاصيل الزراعية بالضرب، وأحيانا تطلق الرصاص في الهواء حتى يخضع المواطن لفتح مخزنه”.

وتابعت: “قوات الدعم السريع قتلت 3 من مواطني القرية حاولوا منعهم من الاعتداء على ممتلكاتهم والدخول إلى منازلهم فتمت تصفيتهم بدم بارد.”

وزادت بالقول: “تعودنا على الموت وأصوات الرصاص وأحيانًا نرى الجثث على الشوارع”.

إلى ذلك يقول المواطن، حاج التوم: “شهدت ولاية سنار انقطاع التيار الكهربائي وشبكة الاتصالات وتوقف خدمات المياه”.

وأوضح التوم في حديثه لـ”أفق جديد” أن معظم المستشفيات خرجت عن الخدمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وانعدام الوقود، “ولهذه الأسباب هرب المواطن من القرى حفاظا على حياته”. واسترسل: “التيار الكهربائي ما زال مقطوعًا، مع توقف شبكات المياه في قرى غرب سنار، ومعظم القرى تعرضت للنهب والسرقة”، مشيراً إلى أنّ تلك القرى كانت تستضيف أعداداً كبيرة من النازحين، ولكن بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة أصبحنا أيضا نازحين”.

ووفق تصريحات حكومة ولاية سنار، فإن المنطقة كانت تستضيف حوالي 286 ألف نازح من ولايتي الخرطوم والجزيرة.

Exit mobile version