شهادة في ظلال الكاتيوشا

ختام امتحانات الشهادة السودانية في الأبيض رغم الظروف الأمنية المتدهورة

الأبيض: قرشي عوض


عدد الذين جلسوا للامتحان هذا العام بلغ
11ألف طالب وطالبة من مجموع

21 ألف طالب وطالبة في شمال كردفان في المعسكر الذي كان من المفترض أن يستقبل

400 طالب جلس لأداء الامتحان فيه طالبان فقط عدد المدارس الأساسية بشمال كردفان ما بين

720 – 700 مدرسة فيما يبلغ عدد المدارس الثانوية 227 مدرسة

 

اختتمت يوم الخميس 9 يناير امتحانات الشهادة السودانية بمدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، في ظل ظروف أمنية متدهورة تعرضت فيها المدينة للقصف بـ 3 قذائف كاتيوشا في اليوم الأول للامتحانات، سقطت قرب مراكز الامتحانات في حيي أمير والصفاء. 

ألقت تلك الحادثة بظلال قاتمة على أجواء الامتحانات، قادت إلى قلة عدد الطلاب الجالسين. وكان وزير التربية والتعليم بولاية شمال كردفان، قد أكد في تصريح لإذاعة كردفان، في اليوم الثالث للامتحانات بأن الذين عدد الذين جلسوا للامتحان هذا العام بلغ  11 ألف طالب وطالبة من مجموع 21 ألف طالب وطالبة في كل الولاية، أي بنسبة 51%. 

تبرعات للإعاشة

وذكر مصدر بالمجالس التربوية لـ”أفق جديد”، وهي مجموعات إسناد شعبية للإقامة الامتحانات، بأن هناك معسكرًا كان من المفترض أن يستقبل 400 طالب، ولكن  جلس لأداء الامتحان فيه طالبان فقط. 

وعملت اللجان المشار إليها، بحسب مصادر من داخلها، على جمع التبرعات لإقامة معسكرات الإعاشة للطلاب القادمين من المحليات المختلفة، بينما تولى الجيش تأمين الامتحانات وهو الذي يشرف عليها. 

وبحسب المصادر أقيمت مراكز للامتحانات وأخرى للسكن والإعاشة، واستهدفت حملة التبرعات التي ابتدرتها محلية شيكان المستضيفة لطلاب وطالبات المحليات الأخرى قيادات المجتمع.

وقال مصدر تعليمي لـ”أفق جديد” إن الامتحانات واجهت مشاكل فنية تتعلق بالمواقيت وأرقام الجلوس التي وصلت في يوم الامتحانات. وأشار إلى أن بعض الطلاب لم يتمكنوا من اللحاق بالجلسة الأولى. كما أن هناك طلابًا ظهرت أرقام جلوسهم في جمهورية مصر العربية! 

 في ظل هذه الظروف المعقدة توافد طلاب وطالبات ولاية شمال كردفان من معظم محليات الولاية إلى العاصمة الأبيض. وقد وصلت طالبات محلية بارا  التي تحتلها قوات الدعم السريع بصحبة أسرهن، التي اصطفت خارج أسوار مركز الامتحانات بجامعة القرآن الكريم للبنات لتشجيع بناتها الممتحنات.

مراكز ومحليات 

وقالت جهات عليمة لـ “أفق جديد” إن العدد الكلي للمركز في أقسام الجامعة 736 طالبة حضرت منهن 721 طالبة و16 طالبًا في قسم الأولاد في نفس الجامعة. جاءوا من مراكز محلية بارا وهي (الروبي، أم قرفة، الكويمات، بارا الخاصة، بارا الجديدة، جريجخ، أم سيالة، أم شيب، والحسن الميرغني). فيما غاب طلاب مركز (ود دوليب) .

واستقبل مركز الوسط بجامعة كردفان الطالبات من محلية أم روابة، كما يقول المصدر التعليمي، في حين استوعب مركز كلية التربية طالبات محلية الرهد. وهي محليات تخضع بدورها للاحتلال التام من قبل قوات الدعم السريع وتمنع الدخول إليها أو الخروج منها.

وخصصت المراكز المذكورة قاعات لحالات الطوارئ من خارج الولاية. حيث شكلت محليات ولاية غرب كردفان حضورًا قبل بداية الامتحان من مدينتي النهود والفولة. مضافًا إليهما طالبات من الخرطوم والنيل الأبيض وكسلا، من الذين جاءوا إلى المدينة عند بداية الحرب أو قبلها وتقطعت بهم السبل في ظل الحصار.

 ووفقا للمصادر التي تحدثت لـ”أفق جديد” شكل عدد الطلاب والطالبات من غرب كردفان وحدها 163 طالبًا وطالبة، منهم 29 طالبًا و124 طالبة، ليصبح العدد الكلي للجالسين في مجمع وسط جامعة كردفان 1585 طالبة، ولكن عند الحصر تبين أن هناك غيابًا فوق الوسط، إذ شكل الحضور فقط 321 طالبة والغياب 1264 طالبة، تم توزيعهن على 15 قاعة.

حضور وغياب

اللافت في امتحانات هذا العام هو الحضور الكبير للطالبات والغياب الواضح للطلاب، خاصة من المحليات، مما يعكس طبيعة الظروف الأمنية التي تمر بها الولاية، فالطلاب “الاولاد” عرضة للمضايقات من قبل قوات الدعم السريع، وفي العادة يتم إنزالهم  والتحفظ عليهم في الارتكازات، وهذا ما حدث بالفعل حين قامت تلك القوات بمنع دخول الطلاب واحتجازهم، ولم يفرج عنهم إلا بعد تدخل الإدارة الأهلية، كما أن هناك طلابًا دخلوا إلى المدينة عن طريق التهريب، ولم تجد الإدارة الأهلية وسيلة للاتصال ببعض الطلاب الذين تم إرجاعهم.

حظيت الامتحانات باهتمام كبير من قبل حكومة الولاية والجهات الشعبية، حيث شكلت الحكومة حضورًا على مستوى رفيع في بعض المراكز. كما اهتمت الشرطة بتوفير الإسناد الأمني والصحي بتجهيز مراكز الإسعاف والإشراف عليها.

وذكرت جهات عليمة لـ”أفق جديد” أن المدينة خضعت لدرجة تأمين عالية جدًا من قبل القوات المسلحة التي نصبت أجهزة تشويش لاعتراض الطائرات المسيرة في كل الاتجاهات. واجتهدت المحليات في توصيل الطلاب لاسيما البنات وتوفير سبل الإعاشة والإقامة لهن. 

وعملت منظمة (الدار الخيرية) بغرب كردفان عل حل مشكلة الطلاب والطالبات بعد إعلان مكتب متابعة النهود تعليق الامتحانات بالتنسيق مع ولاية شمال كردفان. 

وقال المتحدث باسم المنظمة إنهم اتصلوا بوزير التربية في شمال كردفان الذي استجاب لطلبهم بالتنسيق مع الوزارة الاتحادية، كما اتصل نائب الوالي في غرب كردفان بنائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، فتم تخصيص مركز الطوارئ الذي اعتمد على الغياب من طلاب ولاية شمال كردفان.

وقد جاء طلاب وطالبات ولاية غرب كردفان من محليات (الفولة، النهود، أبوزبد، الخوي، وريفي الخوي)، كما جاء طلاب من لقاوة بولاية جنوب كردفان، ومن الفاشر في شمال دارفور.

ضعف الخدمات

ويلاحظ أن هنالك ضعفًا شديدًا في الخدمات خاصة مياه الشرب، وعزت الجهات المستضيفة في جامعة كردفان ذلك إلى تقصير المحليات التي أعلنت استعدادها لتقديم خدمات الإعاشة.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الامتحانات أقيمت في ظروف أكاديمية معقدة إلى جانب الظروف الأمنية المعروفة. ويمكن القول إن معظم الطلاب الذين جلسوا لامتحان هذا العام لم يكملوا المقررات الدراسية لانقطاع الدراسة منذ بداية الحرب.

ولا يمكن الحديث عن التعليم والخدمات الأخرى في ولاية شمال كردفان استنادًا إلى الأرقام والبيانات خارج محلية شيكان التي تضم مدينة الأبيض ومحيطها لعدم انتظام عمل جهاز الدولة واستحالة الوصول للمسؤولين السابقين، فمعظمهم هاجروا أو امتهنوا مهنًا أخرى.

التقويم الدراسي

ورغم كل الظروف الآنف ذكرها أصدرت وزارة التربية والتعليم بولاية شمال كردفان التقويم الدراسي للعام 2024-2025 بتاريخ 4 أغسطس الماضي، وحددت فيه مواقيت الامتحانات للصفوف النهائية في المراحل الأساسية والمتوسطة والثانوية. علي النحو التالي: الامتحان التجريبي لثالث متوسط وسادس أساس 22/ديسمبر.

التعليم قبل المدرسي 23 يناير. بقية الفصول 26 يناير. الشهادة السودانية 10 فبراير. الشهادة المتوسطة 23 فبراير.

ويقول مدير مدرسة نموذجية في الأبيض لـ”أفق جديد” إنه برغم مضي أكثر من 50 يومًا على صدور التقويم وإعلان فتح المدارس إلا أن نسبة ضئيلة من المدارس هي التي انتظمت حتى  19 سبتمبر وبطاقة استيعابية أقل مما كانت عليه قبل الحرب.

ورغم أن الوصول إلى الجهات المسؤولة عن التعليم عملية في غاية الصعوبة إلا أن أساتذة في الدرجة الأولى أفادوا “أفق جديد” بأن عدد المدارس الأساسية بولاية شمال كردفان ما بين 720 – 700 مدرسة. والمتوسطة 53 مدرسة منها 28 مدرسة داخل مدينة الأبيض. والثانوية 227 مدرسة. لكن المدارس التي تم استئناف الدراسة فيها تنحصر داخل مدينة الأبيض في وسطها وشرقها فقط.

ورغم أن آخر تقرير لمدير عام التعليم كان قد ذكر أن 60% من المدارس استقرت إلا أن معلمين في الخدمة أكدوا أن ذلك غير صحيح، وينطبق فقط على 3 مدارس. فكل أرياف محلية شيكان لا توجد بها مدرسة انتطمت في الدراسة، وكذلك الحال بالنسبة للمدارس في غرب مدينة الأبيض وجنوبها. وعدد المدارس التي استؤنفت فيها الدراسة كلها 23 مدرسة من مجموع 140 مدرسة في مرحلة الأساس، ومن عدد 9 مدارس أولاد و4 مدارس بنات ثانوية منها ثلاثة لا تعمل، وبعضها تعمل بصورة جزيئة وللصف الثالث فقط.

ويرجع المعلمون الذين التقتهم “أفق جديد” الأسباب التي أثرت بشكل مباشر على استئناف الدراسة إلى الناحية الأمنية بعد استشهاد أكثر من 20 طالبة ومعلمة واحدة في مدرسة أبوستة الثانوية وجرح العشرات جراء سقوط قذيفة بعد هجوم نفذته قوات الدعم السريع على المدينة في يوم 15 أغسطس الماضي. وقد أغلقت المدارس في غرب المدينة وتم تحويل الطالبات والطلاب إلى مدارس أخرى في وسط المدينة مثل مدرسة حاج السيد في حي القبة التي إلى جانب كونها تستضيف مدرستين في مباني مخصصة لطالبات مدرسة واحدة تستضيف أيضًا النازحين مثل بقية مدارس الأبيض في المنطقة الأمنة. وهذا مؤثر آخر انعكست آثاره بالطبع على البيئة المدرسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى