عقوبات واشنطن.. والتأثيرات المستقبلية
وائل محجوب
• العقوبات الصادرة بحق القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، هي آخر إجراءات تتم بواسطة إدارة جو بايدن، المغادر للبيت الأبيض، وهي امتداد لسجل العقوبات الموجهة لأطراف الحرب الذين حددتهم وهم:
– القوات المسلحة.
– الدعم السريع.
– المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.
• وقد شملت قائمة العقوبات من قبل قادة من هذه الجهات الثلاث، وامتدت لتشمل قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي بنفسه، في بداية الشهر الحالي.
• واتهمت واشنطن البرهان بتفضيل خيار الحرب على المفاوضات لإنهاء الصراع، واتباع الجيش بقيادته لأساليب حرب تشمل القصف العشوائي للبنية التحتية المدنية، والهجمات على المدارس والأسواق والمستشفيات، والإعدام خارج نطاق القضاء.
• سبق قرار العقوبات، انتشار مقاطع مصورة صادمة على نطاق واسع لجنود يتبعون لقوات نظامية مساندة للجيش، يقومون بالانتقام وبالقتل خارج نطاق القانون، لما أطلق عليهم بالمتعاونين في ولاية الجزيرة بعد تحريرها بواسطة الجيش، وهي تعزز من فرضية الاتهامات الواقعة على القائد العام.
• وكان رد فعل الفريق البرهان رافضًا ومتحديًا للقرارات، وأبدى في مخاطبات تم بثها عدم اكتراثه لها، معلنًا مواصلة الحرب حتى يتم القضاء على التمرد بشكل كامل، ووجه تحذيرات لكل من يوجهون إساءة للسودان بإلقام أفواههم “حجرًا أو صاروخًا”.
• لقد قلنا من قبل أن هذه الحرب شهدت تطبيقًا نموذجيًا لكافة الجرائم التي يحظرها القانون الدولي الإنساني، تجاه المدنيين والمرافق المدنية، في مناطق العمليات العسكرية، مثل قصف الطيران الذي يطال المدارس والأسواق والمستشفيات ومصادر الطاقة والخدمات، والتدوين المدفعي العشوائي لمرافق الكهرباء والمياه والمستشفيات والأحياء السكنية للمواطنين، وقتل الأسرى وتعذيبهم والإخفاء القسري للمدنيين، وكلها مخالفات للقانون الدولي الإنساني، وقد دفع المئات من المدنيين حياتهم ثمنًا لها، كما امتدت آثارها الكارثية لتجبر الآلاف على النزوح من مناطقهم، بسبب تدمير المصادر الأساسية للحياة في مناطق واسعة النطاق، وهي جرائم تنعقد مسؤوليتها تضامنيًا على من يرتكبونها من الجنود، وعلى القادة أصحاب السلطة العليا في المؤسسات العسكرية، التي تتبع تسلسلًا هرميًا قياديًا ونظامًا للتقيد الصارم بالتعليمات، من أعلى الهرم لأسفله.
• هذه العقوبات الأخيرة تعكس نفاد صبر لدى الإدارة الامريكية، بسبب تعثر مسار السلام الذي رعته عبر مبادرتها المشتركة مع السعودية، ومحاولة الاختراق الثانية عبر اجتماعات جنيف في أغسطس من العام الماضي، لتحريك ملف المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار، التي رفض رئيس المجلس السيادي والقائد العام للجيش المشاركة فيها، وعلى الرغم من إبداء الحكومة في بورتسودان استعدادها للتعاطي الإيجابي من خلال إعلان فتح معبر أدري وقتها إلا أن ذلك الغياب اعتبر تفضيلًا للخيار العسكري على خيار السلام.
• هذه العقوبات بمثابة ضوء أخضر للمؤسسات الدولية لتمضي في ذات الطريق، وستقود لتصاعد في الضغط عبر شتى الأدوات، ومنها بعثة تقصي الحقائق المشكلة بواسطة مجلس الأمن حول الانتهاكات التي شهدتها الحرب، وهي لن تكون الأخيرة والمتوقع أن تتبعها عقوبات من الاتحاد الاوربي، مثلما جرت العادة في العقوبات السابقة.
• وعلى الرغم من عدم تأثيرها المباشر على مسار الوضع العسكري المتصاعد حاليًا، إلا أنها ستقود للتضييق على مسار التعاملات الخارجية السياسية والاقتصادية لكل من صدرت عقوبات بحقهم أفرادًا ومؤسسات، ومن ثم التأثير مستقبلًا على مسار التسليح العسكري للمؤسسات التي يقفون على رأسها، وستضفي مزيدًا من العزلة الخارجية، لجهة استجابة عدد من الدول على المستويين الإقليمي والدولي لخطوات واشنطن، وعدم الدخول معها في مواجهات مكشوفة، من خلال التعامل مع من صدرت بحقهم العقوبات.