مبادرة صفاء


أم درمان: علوية مختار

من رحم المُعاناة ولدت الفكرة لدى الصيدلانية “صفاء بهاء الدين”، التي استقطعت جُزءًا من منزلها في حي الموردة بمدينة أم درمان وحولته إلى مستشفى مصغر لتقديم العلاج وخدمات التمريض والإسعافات الأولية مجانًا للمرضى ومصابي الحرب.

كان المشفى المنزلي بمثابة ترياق لسكان حي “الموردة” والأحياء المجاورة، خاصة في ظل انسداد الأفق أمام كثير من المرضى، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة، الذين تلاشى الأمل لديهم في الحصول على العلاج.

ساهمت الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في العاصمة الخرطوم في منتصف أبريل 2023 في انهيار شبه كامل للنظام الصحي في البلاد.

وقدر وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، في مؤتمر صحفي سابق، خسائر القطاع الصحي بمبلغ 11 مليار دولار.

ووفقًا لتصريحات منظمة الصحة العالمية، توقفت بين 70 إلى 80% من المؤسسات والمرافق الصحية في السودان عن العمل تمامًا خلال فترة الحرب.

دوافع إنسانية

الدوافع الإنسانية البحتة كانت ما قاد “صفاء بهاء الدين” لإطلاق مبادرتها الخاصة بـ”المشفى العلاجي المصغر”.

ساعدتها دورات الإسعافات الأولية التي تلقتها سابقًا في تقديم الرعاية الصحية للمصابين والمرضى.

تقول صفاء لـ”أفق جديد”، “المبادرة في الأساس كانت تطويرًا لمبادرة قديمة كنت قد بدأت بها قبل اندلاع الحرب، حيث عملنا مع عدد من الخيرين داخل وخارج البلاد لتوفير الدواء مجانًا لسكان الموردة من خلال صيدلية المركز بالحي. وعندما اندلعت الحرب، بدأت الصيدلية تعمل من منزلي، وتمكنت من توفير الأدوية مجانًا خاصة لأصحاب الأمراض المزمنة.”

تطوير المبادرة

مع تزايد أعداد المرضى الذين توافدوا على المشفى المنزلي، حيث وصل العدد اليومي إلى 160 مريضًا، بدأت المبادرة في جذب تجاوب كبير من الأطباء وأبناء المنطقة. بفضل تدخل وزارة الصحة السودانية، تم نقل المشفى إلى مركز صحي الحي، والذي أكدت صفاء أنها افتتحته وأدارته مع متطوعين آخرين.

وأضافت: “المبادرة لاقت دعمًا كبيرًا من أهالي المنطقة والشخصيات المسؤولة، وقد وعدوا بتطويرها.

وزادت، “قدمنا خدمات العلاج والكشف للمرضى من جميع أنحاء أم درمان ، بما فيه السلاح الطبي خاصة في ظل غياب المؤسسات العلاجية والمراكز الصحية.”

مبادرات أخرى

لم تقتصر مبادرة صفاء على تقديم العلاج فقط، بل تجاوزت ذلك إلى تكفين موتى الحي وسترهم، فضلاً عن إجراء عمليات ختان لـ120 طفلًا من أهالي الحي، بعد أن اشتكى الأهالي من تأخر عملية الختان وعجز بعضهم عن إتمامها بسبب ظروف الحرب.

ضوء في آخر النفق

لم تكن مريم، ولا العديد من المرضى الآخرين، يتوقعون الحصول على فحص وأدوية مجانية في ظل الظروف التي تمر بها الخرطوم من حرب ودمار.

تقول مريم محمد (50 عامًا)، التي تعاني من مرض السكري، لـ”أفق جديد”، “توقفت عن زيارة الطبيب بسبب الحرب وعجزت عن شراء الدواء. وعندما سمعت عن المشفى المجاني، جئت إليه لأجد الرعاية والدواء مجانًا.”

المشاهد المأساوية للدمار الذي طال المؤسسات الصحية في السودان دفعت العديد من الأشخاص لإطلاق مبادرات محلية لإغاثة المرضى وضحايا الاشتباكات التي أسفرت عن آلاف القتلى والجرحى، مما جعل هذه المبادرات تلقى استحسانًا وقبولًا واسعًا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى