انهيار الخدمات وسرقة المساعدات .. أزمة مزدوجة في”جنوب الحزام”
أفق جديد
مع تطاول أمد الحرب في السودان، وتفاقم الأوضاع الإنسانية، تعيش منطقة “جنوب الحزام” في العاصمة الخرطوم الخاضعة لسيطرة قوات “الدعم السريع”، أوضاعًا إنسانية بالغة التعقيد، مع الانفلات الأمني وانهيار كامل للمنظومة الصحية.
إذ شهدت المنطقة الأسبوع الماضي، وفق غرفة الطوارئ في المنطقة، مقتل 40 وإصابة آخرين من المدنيين، مع تصاعد معدلات الجوع ونقص المواد الغذائية وانعدام الخدمات الأساسية.
وحسب غرفة الطوارئ، تشهد مناطق جنوب الحزام، هذه الأيام أوضاعًا أمنية غير مسبوق خاصة منطقتي (مايو، وعد حسين) أسفرت هذه الأوضاع الأمنية الأسبوع الماضي عن حوادث متفرقة من بيتها مقتل 13 شخصًا وإصابة أكثر من 27 آخرين بالرصاص الحي.”
يقول الناشط الإنساني، مصعب عبد الله، إن السكان في المنطقة يعيشون حالة من الخوف والهلع الشديد، في ظل تصاعد وتيرة الجرائم بصورة شبه يوميه، والتي تشمل القتل والتنكيل والنهب، وسط غياب أي تدخل فاعل لوقف هذه الانتهاكات.”
وأوضح عبد الله في حديثه لـ”أفق جديد”، أن “الوضع يتفاقم سوءًا مع الانهيار الكامل للمنظومة الصحية بعد خروج جميع المستشفيات عن الخدمة، إلى جانب تفاقم معاناة المواطنين في ظل انقطاع كامل لشبكات الاتصال والكهرباء وشح المياه ، مما يزيد من عزلة المنطقة ويجعل الاستغاثة شبه مستحيلة، في وقت تزداد فيه حوادث إطلاق النار على المدنيين بغرض السلب والنهب.”
ووفق غرفة طوارئ المنطقة، “تعرضت مناطق جنوب الحزام (سوبا الأراضي) الأسبوع الماضي إلى قصف بعدد 3 قذائف، ما أسفر عن وقوع إصابات بين المدنيين، معظمهم من النساء.”
كما أفاد شهود عيان “أفق جديد”، بسقوط قذائف في مربعات (9) و (15) وأصابت إحداها منزلًا في مربع (15)، ما أدى إلى إصابة طفلة بجروح طفيفة جراء الشظايا، فيما تسببت القذيفتان الأخريان في مربع (9) في وقوع إصابات أخرى بين المدنيين.
ودعت غرفة الطوارئ المواطنين إلى توخي الحذر والابتعاد عن المناطق المفتوحة حفاظًا على سلامتهم.
وحسب “فاطمة محمد” (39 عامًا) التي تقيم في المنطقة، فإن المنطقة خاصة أحياء (الأزهري، وعد حسين، ومايو)، تشهد تدهورًا أمنيًا في ظل غياب الأجهزة الأمنية.
وقالت فاطمة التي تلجأ للأنترنت الفضائي (ستار لنك) لـ”أفق جديد”، “عصابات مسلحة تنهب المواطنين.”
وأضافت: “نعاني الجوع . معظم المطابخ الخيرية توقت. ونتوقع أن نرى الناس يموتون جوعًا.”
كما أفادت مصادر طبية “أفق جديد”، أن الوضع الصحي منهار تمامًا، بعد خروج جميع المستشفيات عن الخدمة.
وطبقا للمصادر الطبية، فإن انقطاع خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات، عزل المنطقة تمامًا، وسط إطلاق عشوائي بغرض النهب والسرقة.
ووفق المصادر الطبية، فإن مركز “اليرموك”، الصحي التطوعي تعرض إلى عملية سطو مسلح الأسبوع الماضي، مما يعقد تقديم الخدمات الطبية للمواطنين العالقين في المنطقة.
وكشف تقرير نشرته شبكة “بي بي سي” البريطانية، أن تجميد المساعدات الإنسانية الأميركية تسبب في إغلاق ما يقرب من 80 في المائة من مطابخ الطعام الطارئة التي أقيمت لمساعدة الأشخاص الذين تُركوا بلا مأوى، بسبب الحرب الأهلية في السودان.
والشهر الماضي، علَّقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فجأة جميع المساعدات الأميركية، لتحديد ما إذا كانت «تخدم المصالح الأميركية» أم لا، وتحركت لبدء تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وقال متطوعو الإغاثة إن “تأثير الأمر التنفيذي لترمب بوقف المساهمات المقدمة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لمدة 90 يوماً، يعني إغلاق أكثر من 1100 مطبخ جماعي”.
وتدير هذه المطابخ مجموعات تُعرف باسم غرف الاستجابة للطوارئ، وهي شبكة شعبية من الناشطين الذين حملوا مسؤولية الاستجابة للأزمات في أحيائهم.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من مليوني شخص يكافحون من أجل البقاء، تأثروا بهذا القرار الأميركي.
ووصفت أندريا تريسي، المسؤولة السابقة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي أنشأت صندوق “تحالف المساعدة المتبادلة في السودان» لجمع التبرعات الخاصة بغرف الطوارئ هناك، تجميد المساعدات الأميركية بأنه “نكسة كبيرة”.
إلا أنها لفتت إلى أن الصندوق سيبذل كل ما في وسعه لسد الفجوة التي خلَّفتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، عن طريق محاولة الحصول على مزيد من التبرعات.
وحسب بيان صادر عن غرفة طوارئ المنطقة، فإن مجموعة مسلحة من قوات “الدعم السريع”، سرقت مؤخرًا، أكثر من 300 كرتونة من المكملات الغذائية الخاصة بالأطفال والحوامل والمرضعات وكذلك أكثر من 200 كرتونة زيت من مخازن غرفة الطوارئ بعضها خاص بقطاع غرب والبعض الآخر خاص بمركز صحي حي الإنقاذ (النهضة) تم تخزينه في مخازن الغرفة لتوفر الظروف الأمنية.
ويعاني نحو 25 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد في جميع أنحاء السودان، وفقاً للأمم المتحدة.