اكتظاظ وجوع وبرد.. الحياة اليومية في مخيم “قوز الحاج” 

أفق جديد

“يا ولدي الحمد لله بس نحن نموت”؛ قال المواطن “موسى عابدين” (45) عامًا، من داخل مُخيم للنزوح بمدينة شندي بولاية نهر النيل، لـ”أفق جديد”، وهو يقاوم الجوع ولسعة الشتاء القارس.

نزح الرجل ضمن آلاف آخرين من قرية “القبة ود الفضل” التابعة لمدينة “تمبول” شرقي الجزيرة، إلى مدينة شندي بولاية نهر النيل، عقب اجتياح قوات “الدعم السريع” للمنطقة.

ونفذت قوات “الدعم السريع” حملات انتقام ضد مناطق شرق الجزيرة منذ 20 أكتوبر الماضي، عقب انشقاق قائدها في الولاية، أبو عاقلة كيكل، وارتكبت انتهاكات مروعة بحق الأهالي شملت القتل والاختطاف والاغتصاب والإذلال والتهجير القسري.

وقال عابدين في حديثه لـ”أفق جديد”، “كنت أعمل في مجال تجارة الأقمشة؛ فقدت اثنين من أبنائي أعمارهم تتراوح ما بين (8 – 14) سنة، إثر الإصابة بوباء الكوليرا داخل معسكر (قوز الحاج) بمدينة شندي”.

وأضاف وهو ينفجر باكيًا: “الدنيا ما فيها فائدة بعد ما دفنت أولادي بيدي ديل”، وحينها حاول مرافقيه داخل المعسكر الالتفاف حول الرجل ومواساته عله يجد من الصبر ما يخفف عليه مصيبته ومأساته.

بالمقابل كانت قصة “سمية يعقوب” (35) عامًا، تلك المرأة التي التقيناها عند مدخل معسكر “قوز الحاج” وهي تبحث عن زوجها متى ما وصلت مجموعة إلى داخل المُعسكر بعد أن أصبح شخصًا مفقودًا لأشهر طويلة.

تقول سمية لـ”أفق جديد”، “عندما اجتاحت قوات الدعم السريع منطقة (الهلالية) شرقي ولاية الجزيرة، كنت برفقة عدد من النسوة داخل المدينة، وخوفًا من وقوع أي مكروه ركبنا عربة دفار ينقلنا إلى خارج المدينة للمحافظة على حياتنا.”

وأضافت، “بعدها تفرقنا ولم ألتقٍ رفيقاتي مرة أخرى، وما زلت أتشبث بالأمل للقاء مرة أخرى.”

يقول مشرف معسكر “قوز الحاج”، عبد الصبور عبد الله، لـ”أفق جديد”، “خلال الأشهر الماضية عانى النازحون داخل المعسكر من انعدام مياه الشرب، التي تُستجلب من مواقع بعيدة، ما فاقم معاناتهم اليومية.”

وأضاف، “هناك نقص في المراحيض لقضاء الحاجة، خاصة وأن المنطقة خلوية، ما دفعنا للمطالبة بإنشاء مراحيض متحركة، وبالفعل زارتنا مؤخرًا مجموعة من المنظمات الإنسانية ووعدت بتنفيذ تلك المشاريع في أقرب فرصة.”

وأوضح أن “المعسكر يضم حوالي 1400 أسرة، 60% منهم أطفال في عمر الرضاعة، ما يتطلب جهودًا كبيرة لتوفير كافة الاحتياجات الضرورية من الغذاء والدواء وأغطية الشتاء.”

وتابع، “التحدي الأكبر يتمثل في تجاوز فصل الشتاء القارس الذي أصبح يتغلغل في أوصال الكثيرين باعتبار طبيعية التضاريس الجغرافية ذات المناخ الصحراوي، فهناك مجموعة كبيرة أيضًا من كباء السن وهؤلاء يعانون الأمراض المزمنة (السكري، الضغط، أمراض القلب).”

وبشأن تلبية الاحتياجات الغذائية أوضح عبد الله قائلًا: “ما زلنا نستقبل المساعدات من عدة جهات خيرية وبعض المنظمات العاملة في الحقل الإنساني بصورتها المحلية، وهو جعلنا نفكر في تأسيس مطبخ موحد يعمل على طهي وجبتين في اليوم الواحد.”

وزاد: “اكتظاظ الخيام بالنازحين هي إحدى المشاكل التي لم نستطيع علاجها حتى الآن حيث أن الخيمة الواحدة تضم ما بين (4-5) أسر الأمر الذي أنتج أزمات غير منظورة.”

ودعا مشرف معسكر” قوز الحاج” المنظمات العاملة في الحقل الإنساني الى ضرورة الالتفات لما يحدث داخل مخيمات النزوح لإنقاذ أرواح المواطنين.

ويواجه النازحون في مراكز الإيواء بولاية نهر النيل شمال السودان، واقعًا صعبًا مع نقص الغذاء والدواء والمتطلبات الضرورية.

وسبق أن قالت مفوض العون الإنساني بولاية نهر النيل، عفاف تاج السر، إن الولاية استقبلت وافدين بسبب الحرب، قدّرت أعددهم بنحو مليون و980 ألف أسرة جرى توزيعهم على 288 مركز إيواء في المحليات الست.

وتضم الولاية 11% من جملة النازحين داخليًا في السودان الموجودين في 6.771 موقعًا في جميع الولايات الـ 18.

يقول محرر “أفق جديد”، “كانت رحلة شاقه بمعنى الكلمة فقد امتدت لنحو 12 ساعة ذهابًا وإيابًا حيث انطلقنا من مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم عند الساعة 6 صباحًا متجهين إلى معسكر (قوز الحاج) الذي يقع في مدينة شندي بولاية نهر النيل حيث تبعد المسافة ما بين المدينتين حوالي 150 كيلو مترًا.

منطقة “قوز الحاج” التي تكوسها الرمال من كل جانب بها أحد أكبر معسكرات النزوح بالولاية ووفق إحصائية رسمية يضم حوالي (140 ) أسرة نازحة أغلبيتهم منهم من ولاية الجزيرة وسط السودان‬

اللافت داخل مخيم النزوح تكدس النساء بأعداد كبيرة داخل الخيام التي نُصبت داخل المعسكر، فضلا عن انتشار الأطفال بصورة كبيرة، سيما وأن أبرز مطالب القائمين على أمر المعسكر ضرورة الإسراع في توفير الأغطية لمواجهة برد الشتاء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى