تقرير أممي صادم بشأن انتهاكات أطراف الحرب وشهادات صادمة لناجين

جنيف (6 مارس 2025) – سلط تقرير للأمم المتحدة نشر يوم الخميس الضوء على نمط واسع النطاق من الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء معاملة المعتقلين من قبل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في ولاية الخرطوم، وهو ما يعكس الممارسات التي شوهدت في مناطق أخرى متضررة من النزاع في السودان.

لقد تم احتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال، دون تهمة، مع اتصال محدود أو حتى بدون اتصال مع عائلاتهم، في مرافق قذرة ومكتظة منذ اندلاع الصراع في أبريل/نيسان 2023.

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك: “إن الممارسات الواسعة النطاق للاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء معاملة المعتقلين، والظروف اللاإنسانية في مرافق الاحتجاز، بما يتعارض مع المعايير والقواعد الدولية، مثيرة للقلق العميق”.

“لا يجوز حرمان أي فرد من حريته دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ولا يجوز تحت أي ظرف من الظروف إخضاعه للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.”

ويستند التقرير، الذي يغطي الفترة من بداية الصراع في 15 أبريل/نيسان 2023 حتى يونيو/حزيران 2024، إلى 34 مقابلة مع محتجزين سابقين وشهود وأفراد من عائلاتهم، الذين رووا تجاربهم لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

وقد روى معتقلون سابقون روايات موثوقة عن التعذيب المروع وسوء المعاملة، بما في ذلك الضرب المبرح والمتكرر، في مرافق الاحتجاز. ووصفوا الاكتظاظ الشديد مع الحد الأدنى من التهوية، والوصول المحدود إلى الصرف الصحي، وعدم كفاية الغذاء والماء. كما وصفوا رؤية العديد من المعتقلين يموتون في الحجز، بسبب نقص العلاج الطبي، في مرافق قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية.

ويوثق التقرير استخدام قوات الدعم السريع لأطفال لا تتجاوز أعمارهم 14 عاماً للعمل كحراس، ولا سيما في سجن سوبا، واحتجاز أطفال لا تتجاوز أعمارهم 13 عاماً إلى جانب البالغين. كما وردت تقارير عن عنف جنسي واستغلال ضد النساء المحتجزات في مكانين للاحتجاز خاضعين لسيطرة قوات الدعم السريع.

وعلاوة على ذلك، أفاد المعتقلون في أماكن الاحتجاز التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية بتعرضهم لمعاملة تمييزية على أساس العرق والانتماء المفترض للطرف المعارض للصراع، حيث تم استهداف الأفراد من منطقتي دارفور وكردفان.

وفي مرافق قوات الدعم السريع، وردت تقارير تفيد بأن أفراداً من قبائل أفريقية تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة على نحو أكثر تواتراً. كما زُعم أن أفراداً من دارفور وكردفان، بما في ذلك أفراد من قبائل أفريقية تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة بشكل متكرر في مرافق قوات الدعم السريع.

بينما زُعم أن أشخاصا من دارفور وكردفان، بمن فيهم من ينتمون إلى قبائل عربية، تم التمييز ضدهم وتعريضهم للاحتجاز في مرافق القوات المسلحة السودانية على أساس عرقي وبناء على انتمائهم المفترض إلى قوات الدعم السريع.

وفي حين يُركز التقرير على الممارسات في مرافق الاحتجاز في ولاية الخرطوم، فقد وثقت مفوضية حقوق الإنسان أنماطا مماثلة في أجزاء أخرى من السودان، بما في ذلك إقليم دارفور وولاية الجزيرة.

وفي الأشهر الأخيرة، ومع استعادة القوات المسلحة السودانية السيطرة على مناطق معينة، تلقى المكتب تقارير موثوقة عن قيام قوات الدعم السريع بنقل المعتقلين من أماكن الاحتجاز المذكورة في التقرير إلى مواقع أخرى. وقال المفوض السامي إن هذه الممارسات “تثير قلقا عميقا، وتزيد من مخاطر انتهاك المعايير والقواعد الدولية لحقوق الإنسان، وتقوض الإجراءات القانونية الواجبة وسيادة القانون”.

وحثت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أطراف النزاع على التوقف فورا عن ممارسات الاعتقال التعسفي والتعذيب وغيرها من ضروب سوء المعاملة، وتحسين ظروف الاحتجاز، وتسهيل الوصول إلى العدالة.

 

خطر تفاقم الصراع وتفتيت البلاد

من جانبه، أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه البالغ إزاء توقيع ميثاق لإنشاء سلطة حاكمة موازية في السودان، وأكد أن مثل هذه الإجراءات “تهدد بتفاقم الصراع الدائر في السودان، وتفتيت البلاد، وتأزم الوضع الإنساني المتردي بالفعل”.

وأكد أعضاء مجلس الأمن في بيان لهم التزامهم القوي بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، مشددين على أن أي خطوات أحادية الجانب من شأنها أن تقوض هذه المبادئ “تهدد استقرار السودان والمنطقة على نطاق أوسع”.

ودعوا أطراف النزاع إلى السعي إلى وقف فوري للأعمال العدائية والانخراط بحسن نية في الحوار السياسي والجهود الدبلوماسية نحو وقف إطلاق نار دائم.

كما رحب أعضاء المجلس بدعوة الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إعلان وقف إطلاق النار بشكل عاجل خلال شهر رمضان، وجددوا دعوتهم لجميع الأطراف إلى الامتثال لالتزاماتها المنصوص عليها في إعلان جدة.

وأكدوا على أهمية إجراء حوار وطني حقيقي وشامل وشفاف يؤدي إلى حكومة وطنية حرة ونزيهة ومنتخبة ديمقراطيا، بعد فترة انتقالية بقيادة مدنية، “لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في مستقبل سلمي ومستقر ومزدهر، بما يتفق تماما مع مبادئ الملكية الوطنية”.

وحث مجلس الأمن جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي “الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار”، ودعم الجهود المبذولة من أجل السلام الدائم، والالتزام بتعهداتها بموجب القانون الدولي، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى