أفق جديد
تصدر اسم الفنانة نانسي عجاج عناوين محركات البحث فور ظهورها في أحد برامج البودكاست في الإمارات، إذ أثارت الجزئية التي سردت عبرها تفاصيل شخصية مؤلمة عن وفاة والدها موجة واسعة من الجدل في الأوساط الفنية والسياسية.
بدأت موهبة الفنانة نانسي في التفتح منذ مولدها، حيث نشأت في بيتٍ تملؤه الألحان والكلمات، ما أسهم في تشكيل ذائقتها الفنية وبلورة أسلوبها الخاص في الغناء، وفي تشكيل رؤيتها للفن والحياة.
الحملات التشويهية
غنت نانسي عجاج للوطن ولشهدائه، والطفولة والكهولة، للحب والنضال والحرية، ولم تكن مجرد فنانة عادية تؤدي الأغنيات، بل كانت صاحبة موقف من قضايا شعبها ووطنها، وذات رؤية نقدية وتطويرية وسمت أسلوبها الغنائي المختلف، فتميزت منذ بداية ظهورها في الساحة الفنية في بدايات الألفية الجديدة.
قبل مشاركتها في البرنامج مثار الجدل خلال الأيام الماضية، واجهت الفنانة نانسي عجاج اتهامات بالتخوين من دعاة استمرار الحرب في بلدها السودان، وذلك لمواقفها المناهضة للحروب والداعية للسلام، وتضاعفت حملات التخوين من أعداء الفن والسلام ضدها بعد مشاركتها في حفل غنائي في دولة الإمارات العربية حيث تقيم.
في حوارها مع برنامج “عرب كاست” الذي فجر موجة جديدة من الاتهامات والتساؤلات حول موقفها من الحرب والفن وحتى الأسرة، حاول المتربصون بـ”نانسي” وصمها بما لم تقله مستغلين المقطع الترويجي للبرنامج، وفيه مجتزأ قصير عن والدها الراحل الموسيقار بدر الدين عجاج، بيد أن الجميع اكتشف أنها في هذا الحوار – بعد بثه كاملًا – تحدثت بمسؤولية وعمق في مواضيع عدة تتعلق بالهوية السودانية، وتجارب الحرب، ودور الفن في التغيير المجتمعي، وفوق ذلك حديثها المحب عن والدها الراحل ودوره العظيم في تنشئتها الفنية .
أكدت نانسي في هذا الحوار أنها ضد “النظام العبثي غير الشرعي، الذي يدير السودان الآن من بورتسودان، عبر سيطرته على الجيش الرسمي للبلاد بمشاركة المليشيات الأخرى”، حسب تعبيرها.
وقالت إن “التركيز على الإمارات يأتي بسبب محاربتها للإخوان المسلمين، واحتضانها للقوى المدنية المناهضة للحرب، لأن من بدأها هو النظام الذي يحكم من بورتسودان”.
وعن التخوين والاتهامات بالعمالة قالت الفنانة نانسي: “أرخص إنسان من يبيع وطنه وشعبه ويقف مع من يقوم بقتل وتشريد أهله كل يوم”.
وفي حديثها عن الهوية السودانية قالت: “يتسم السودان بتنوع ثقافي وديني فريد، وبعد الاطلاع على الهوية السودانية لا يمكن حصرها في فئة واحدة، سواء كانت عربية أو أفريقية.”
وتابعت قائلة إن هذا التنوع والتعدد الثقافي ميزة للهوية السودانية، ويصب في صالح السودانيين، إن اعترفوا بتنوعهم واختلافهم لصالح تقدم بلادهم.
وأكدت الفنانة نانسي عجاج على اعتزازها بالمواطن السوداني، الذي واجه كل أهوال الحرب من تقتيل وتشريد ولم ينكسر ولا يزال يؤمن بالسلام وفي أحقية بلاده في النمو والازدهار، وهو ما يستحقه لا الدمار والخراب مثلما يحدث الآن .
وعن موقفها من الفن والغناء تقول نانسي عجاج إن الفن رسالة، وهي تعتبر نفسها جزءًا من حركة فنية عريضة تعمل على تغيير الصورة النمطية عن وسائل الإعلام، من خلال تقديم فن ملتزم بقضايا شعبه .
الاحتجاج والوعي
مع انطلاق ثورة ديسمبر المجيدة ضد نظام البشير الإسلامي، شاركت نانسي عجاج بفعالية وعبّرت عن مواقفها المساندة للثورة، وأسهمت مع آخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي في إفراد مساحة كبيرة لنشر أشعار وأغاني الحراك الثوري، كما قدمت عددًا من أغنياتها التي تعكس معاناة الناس وصمودهم .ففي أغنية “ميلاد”، تغنت بـ”الحراك” وما يعنيه من أمل في بناء مستقبل أفضل للسودانيين .
على الرغم من كل التحديات التي تواجهها، تستمر نانسي عجاج في مشروعها الفني، متفائلة بتقديم الأفضل في المستقبل، تؤمن بأن الشعب السوداني لديه القدرة على تجاوز واقع الحرب والتمزق، وأن تكون وحدة الصف والمشاركة في العمل الجماعي قادرة على تحقيق العدالة والأمن والسلام .مؤكدة على تعزيز الوعي لتحقيق الحقوق والحريات، وتشير إلى أن الأمل لا يزال قائمًا في بناء السودان الذي نحلم به.
وفي ختام حوارها مع برنامج “عرب كاست” وجهت نانسي عجاج رسالة لجميع السودانيين تتضمن “أهمية الصمود والتعاون مع الآخرين من أجل وقف الحرب والنهوض بالبلاد من وسط نيران الخراب” .
بروفايل
* ولدت نانسي عجاج في 2 مارس 1979 بأم درمان، وتحمل الجنسيتين السودانية والهولندية.
*بدأت مشوارها الفني في عام 1999، وهاجرت مع أسرتها إلى طرابلس ثم إلى هولندا. هي سليلة عائلة معروفة، ووالدها الفنان الموسيقار الراحل بدر الدين عجاج .
* قدمت العديد من الألبومات، مثل “سحر النغم” و”رفقة” و”موجة”، وتنوعت أعمالها بين الخاص والمسموع والتراثي والعاطفي .
*أطلقت حملة “يلا نغني للسودان” وشاركت في يوم توصيل الأدوية الطبية للمرضى في السودان.
*تؤكد أن الفن يمكن أن يكون أداة قوية للتعبير عن السلام والأمل، ويمكن أن يسهم في إشاعة السلام والطمأنينة في السودان .
*شاركت نانسي عجاج في اعتصام القيادة في الخرطوم، وغنت لاحقاً أغنية “الخلود” لشهداء فض الاعتصام، ولم تتوقف عن زيارة أسر الشهداء.
*تعاونت مع عمالقة الشعراء والملحنين السودانيين، مثل قاسم أبو زيد وهاشم صديق والهادي ود الجبل .
* تؤكد أن الفن لا يجب أن تكون وسيلة ترفيه فقط، لذلك يجب على الفنانين أن يستمروا في عملهم في كل الأوقات، لأن الفن يمكن أن يكون أداة قوية تسهم في التغيير نحو الأفضل .
*ترى نانسي عجاج أن الفنانين الذين يدعمون الحرب لا يمثلون الفن، ويجب أن يدعموا بلادهم بطرق سلمية. وأشارت إلى العديد من الأعمال الفنية التي تناولت القضايا الاجتماعية والسياسية في السودان، مثل أغنية “الخلود” لشهداء فض الاعتصام .
*تطرح نانسي عجاج آرائها الفنية بشجاعة، وتقول إن الفنان لا يؤيد الحرب، بل يمكن أن يدعم بلده بطرق مختلفة.