تدمير قطاع الكهرباء في السودان

انهيار قطاع الكهرباء يُعمّق معاناة المواطنين  

 

أفق جديد

 

دمرّت الحرب في السودان المستمرة لأكثر من عامين البنية التحتية لقطاع الكهرباء ما أدى إلى خسائر مادية كبيرة وتفاقم الأوضاع الإنسانية.

ومؤخرا استهدفت مسيرات انتحارية، سد مروي شمالي البلاد، ومحطة “أم دباكر” بمدينة ربك بولاية النيل الأبيض، ومحطات “الشواك” بولاية القضارف، وبربر وعطبرة بولاية نهر النيل، ودنقلا بالولاية الشمالية. 

مروي: هو سد كهرومائي سوداني يقع على مجرى نهر النيل في الولاية الشمالية بالسودان عند جزيرة مروي التي أطلق عليه اسمها، على بعد 350 كيلومتر من الخرطوم و 600 كيلومتر من ميناء بورتسودان.

اكتمل بناء السد في 3 مارس/آذار 2009، ويبلغ إجمالي طوله 9.2 كيلومتر فيما يصل ارتفاعه إلى 67 متر، وقد صاحب عملية بنائه عدد من المشاريع التحضيرية، مثل إنشاء عدد من الطرق والجسور وخط للسكة الحديد ومدينة سكنية لإقامة فريق العمل الذي تألف من 5,000 عامل نصفهم من السودانيين والنصف الآخر من الصينيين.

وتعتمد البلاد في توليد الكهرباء على المحطات الحرارية والمائية، لكن شبكات التوصيل تدمرت بسبب السرقات الواسعة للنحاس الموجود داخل المحولات في أجزاء واسعة من البلاد.

وشهدت العاصمة الخرطوم وبعض المدن الأخرى عمليات حفر واسعة في الشوارع وداخل المباني بحثًا عن كوابل النحاس بغرض بيعها في الخارج.

يقول المواطن مدثر عبد الله، إن “البلاد تعاني من انقطاع الكهرباء منذ فترة طويلة، بعد سرقة جميع المحولات والكوابل واعتمدنا على منظومة الطاقة الشمسية لتشغيل آبار المياه”.

وأوضح عبد الله في حديثه لـ”أفق جديد”، أن “المستشفيات والمراكز الصحية تعاني من تكدس المرضى في ظل انقطاع الكهرباء ما أثر سلبًا على البيئة الصحية العامة.”

من جهته يقول المواطن أدهم الطيب، إن “تدمير شبكة الكهرباء ألقى بظلاله على المناطق السكنية والصناعية والوزارات والبنوك، ما يزيد من حجم الخسائر”.

وأشار الطيب في حديثه لـ”أفق جديد”، أن “تكلفة تركيب منظومة طاقة شمسية تكلف 12 مليون جنيه سوداني”.

ورصدت “أفق جديد”، ازدهار صناعة الثلج في السودان وارتفاع أسعاره في أجزاء واسعة من مدن السودان.

إذ بلغ سعر لوح الثلج في مدينة ود مدني إلى 30 ألف جنيه، وفي المناقل 40 ألف جنيه، وفي عطبرة 35 ألف جنيه، وفي الدامر 35 ألف جنيه، وفي كسلا 45 ألف جنيه، وفي القضارف 40 ألف جنيه، وفي كوستي، 35 ألف جنيه، وفي ربك 35 ألف جنيه، وفي سنار 40 ألف جنيه.

ويقول محمد عبد المنعم، وهو مهندس في منظومات الطاقة الشمسية، إن “الناس اتجهت إلى الطاقة الشمسية بسبب تدمير ونهب قطاع الكهرباء في السودان.

وأكد عبد المنعم في حديثه لـ”أفق جديد”، أن شبكات الكهرباء تعرضت لأضرار كبيرة جميع أنحاء السودان ما جعل المواطن يبحث عن الطاقة الشمسية كبدائل سريعة لتعويض الخسائر”.

وقال المدير العام لشركة كهرباء السودان القابضة، المهندس عبد الله أحمد محمد، إن قطاع الكهرباء تضرر بشكل كبير خلال فترة الحرب، والآن يُستهدف بطائرات مسيرة بعيدة المدى يتم التحكم فيها بالأقمار الصناعية وتحلق على ارتفاع أعلى من 7 الف كيلومتر  .

وأشار عبد الله في تصريحات إعلامية، إلى فقدان محطة بحري الحرارية بنسبة 100٪ بسبب الحرب، بالإضافة إلى فقدان محطات قري (1، 2 ، 4) التي تعرضت لتدمير كامل ومحطة جبل أولياء جنوبي العاصمة الخرطوم.

وأوضح أن شبكات النقل الكهربائي تدمرت بشكل كبير في ولاية الخرطوم وفقدان أكثر من 1500 كيلو متر من الأطوال والخطوط والأبراج وشبكات النقل بسبب اعتداءات المليشيا المتمردة .

لافتًا إلى فقدان أكثر من 20 ألف برميل من زيوت المحولات، وأن قطاع الكهرباء خسر أكثر من 1000 ميغا واط بنسبة تعادل 35٪ من إجمالي القدرة الكاملة .

ونبه عبد الله إلى معاناة قطاع الكهرباء من التوصيلات العشوائية باعتبارها عمل غير قانوني ومضر بالمحولات وأدى إلى أعطال كبيرة.

وناشد المواطنين بضرورة التوقف عن استخدام التوصيل العشوائي لضمان انسياب التيار الكهربائي بصورة طبيعية وتلافي الأضرار في المحولات والأجهزة المنزلية .

وأعلن المدير العام لشركة كهرباء السودان، عن تفاهمات مع الحكومة المصرية لزيادة الربط الكهربائي بين البلدين.

وقال مسؤول في شركة كهرباء السودان، إن قطاع الكهرباء يحتاج إلى حوالي 3 مليار دولار لصيانة الشبكة العامة والمحطات الحرارية التي تعرضت إلى أضرار غير مسبوقة.

وأوضح المسؤول الذي فضل حجب هويته -كونه غير مخول للحديث لأجهزة الإعلام- في حديثه لـ”أفق جديد”، أن محطة “قري” الحرارية تعرضت لتدمير واسع وخسائرها تبلغ حوالي 800 مليون دولار، كما تعطلت الشبكة العامة التي كانت تنتج حوالي 300 ميغاواط/ ساعة.

وأشار إلى أن قوات “الدعم السريع” سيطرت على محطتي بحري وقري الحراريتين بالخرطوم بحري بالتالي دون مراعاة لقواعد الاشتباك بالتالي تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأضرار.  

لافتا إلى أن خسائر محطة بحري الحرارية الواقعة شمال الخرطوم التي يصل إنتاجها إلى 400 ميغاواط/ساعة، يبلغ حوالي 300 مليون دولار.

وأكد أن شركة الكهرباء اضطرت لتوريد نحو 20 محولاً إلى ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة عقب استردادها بواسطة الجيش منتصف يناير 2025 لتغطية وسط المدينة والأحياء بعد أن تعرضت إلى تخريب كبير من قوات الدعم السريع.

وأشار إلى أن العاصمة السودانية تحتاج إلى تأهيل شبكة الكهرباء في مسافة لا تقل عن 150 كيلو مترا وهذا المشروع لا يقل تكلفته عن 50 مليون دولار وتأهيل مكاتب الخدمات التي تعرضت إلى نهب غير مسبوق وإعادتها إلى النظام الإلكتروني للدفع.

بالنسبة إلى الخبير الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، فإن الهجمات على شبكات الكهرباء ليست إلا خطوة ضمن سلسلة الحرب الممنهجة التي تشنها المليشيا على السودان وعلى أملاك الشعب السوداني ومصادر رزقهم ابتداء من نهبهم الاحتياطات النقدية من الذهب والعملات الأجنبية للحكومة إلى الهجوم المستمر بالمسيرات في محاولة لتدمير محطات الكهرباء في مدن مختلفة.

وأضاف فتحي في حديثه لـ”أفق جديد”، “من المرجح أن الدعم السريع يعلن هذه العمليات ليؤكد تبنيه لنهج الضغط الاقتصادي، وخلق فرصة له من أجل تنفيذ عمليات استنزاف مكثفة وهذا ما حدث بالفعل خسائر كبيرة إثر استهداف مسيرة للدعم السريع محطات توليد الكهرباء المائية أو الحرارية أو محطات توزيع الكهرباء ومستودعات الوقود والغاز”.

وتابع، “ولا شك في أن الهجمات تعقد من الوضع الاقتصادي في البلد، كونها تفاقم من اختلال الميزان التجاري وتضرب مصدرا من أهم القطاعات الذي يكلف البلاد بالعملة الصعبة وأكثر القطاعات حاجة للمواطن هي الكهرباء”.

ومنذ أبريل/ نيسان 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

Exit mobile version