طحلب أزرق

بسم الله الرحمن الرحيم

طحلب أزرق: اللغة تقنية ووسيلة للسخرية 

د. إسحق علي محمد/جامعة المغتربين

طحلب أزرق رواية فازت بجائزة الطيب صالح للإبداع التي تنظمها شركة زين للاتصال بالسودان. جاءت الرواية في 406 صفحات وتسعة فصول للكاتب منصور الصويم، إصدار الموسوعة الصغيرة للطباعة والنشر والتوزيع بجوبا عام 2024م.

بدأت الرواية بمشهد للموت يبدو عبثياً “بدا مشهد ساحة الإعدام في سجن كوبر العتيق كأنه استعادة هزلية لمشاهد إعدام المفكرين والثوار والمتصوفة الكبار في القرون الغابرة من التاريخ”.ص5. في استدعاء للموت عبر التاريخ على أيدى الطغاة من الحاكم المستبدين، وامتهانهم للفكر، وقمعهم للثورات، والحريات.

بتقنية استرجاعية يصوّر الكاتب مشهد إعدام الشيخ ماجد النوراني؛ الرجل الذي أمسك بخيوط اللعبة كلّها في الرواية في إعلان للكاتب لسخرية القدر، القدر الذي جمع ماجد النوارني الرقيب في الجيش بالنقيب جعفر إبراهيم البشير في أدغال الجنوب عقب مجزرة لم ينج منها سواهما نفذتها حركة التحرير في الجنوب. يبذل النوارني جهدًا كبيرًا في إنقاذ النقيب وتتوطّد العلاقة بينهما. يعود النقيب الى الخرطوم، ويجد الأقدار تخبئ له السعد كلّه من خلال اختياره قائداّ لانقلاب الضباط الأحرار. القرعة فقط كانت طريقه إلى كرسي الحكم الذي ظل فيه لأكثر من عشرين عامًا، ويا لسخرية القدر.

يغادر النوراني جوبا إلى الخرطوم ليعمل مستشارًا للرئيس، ويصبح الرجل الذي يدير دست الحكم ويقوم بكل قذاراته، يستطيل سلطانه وتكبر مملكته الاقتصادية ويولغ في الفساد جارًا معه دائرة كبيرة هي بطانة الرئيس في مركز الدائرة منها زوجته السيدة الأولى. وهي دائرة تتسع وتتقلص بحسب الحاجة وبحسب كل مرحلة من مراحل الحكم، أو كل فترة من فترات مزاج السيد الرئيس.

يحشد الصويم كل صور الفساد ويراكمها في دائرة النوراني، ليعبر عن فساد الأنظمة العسكرية للدكتاتورية عمومًا، وخاصة في السودان. “تاجر في كل شيء: بدءًا بريش النعام، وقطع السلاح، وتهريب البنقو، وصولًا إلى الأدوية الطبية، والبصل والزيت والملح، والسكر”ص13. ووصفه نائب الرئيس: ” الدّجّال السمسار اللّص”ص277.

وينفتح الكاتب على التاريخ السياسي السوداني ليعبر من خلال شخصية الرئيس (جعفر إبراهيم البشير) عن الفترة التي حكم فيها العسكر السودان ممثلين في شخصية مركبة لثلاث فترات عرف فيها السودان حكم العسكر، فجاءت دلالة الاسم إشارة إلى رؤساء تلك الفترات. ولكنه يركز بصورة رئيسة على فترتي جعفر النميري وفترة عمر البشير، من خلال إسقاط اسم (إبراهيم) الذي ذكرة مرة واحدة، وإبراز اسم (جعفر البشير) في كل أحداث الرواية. تجد شخصيات مثّلت سياسيين معروفين من خلال أدوارهم في التاريخ السياسي السوداني. (الصادق، نقد، الترابي، منصور خالد، المحجوب، جون قرنق،… الخ).

الرواية بالجملة بانوراما سردية تاريخية سياسية توثق للتاريخ السياسي لحكم العسكر في السودان منذ أول انقلاب (عبود) مرورًا بمايو (النميري) ويونيو (البشير). يسلط الضوء على فسادهم، ومصادرتهم للحريات، والإقعاء بالسودان في قاع التخلف والجهل والمرض. ويؤكد من خلال سرده للأحداث ضلوع السياسيين السودانيين كافة في صناعة الدكتاتور ورعايته.

العنوان:

طحلب أزرق: نكرة مضافة إلى نكرة لإفادة التخصيص، بين بين، التعريف والتنكير. والمشهد الواقعي يؤكد الدلالة؛ إذ الطحالب تطفو على سطح الماء من غير جذور فلا هي قائمة على جذر ثابت وجذع، ولا هي بذات جذور كغيرها من الأعشاب النيلية. شيء هلامي بين الوجود والعدم. بين بين. وقد ورد ذكر كلمة (طحلب/طحالب) ست مرات في متن الرواية” وهما في غابات الجنوب يلتهمان العشب الأصفر وطحالب الماء المزرقّة) ص9، وكذلك وردت في الصفحات: 12، 19، 22، 56، 161). والطحلب بوصفه كائناً حياً ينمو في الظلال والرطوبة، بلا جذور واضحة، يمكن أن يُنظر إليه بوصفه استعارة لسلطة تتكاثر بصمت، تزحف، وتغزو كل ما حولها دون ضجيج، لكنها تستهلك الحياة.

من هذه الزاوية، الطحلب يمثّل النظام الديكتاتوري السوداني في الرواية، خاصة نظام عمر البشير، الذي تمدد في مفاصل الدولة والمجتمع كما يفعل الطحلب على الأسطح المهملة، نظام يعيش على البلل والركود، ويتضخم في العتمة. مثلّه في النص ماجد النوراني، ثم زوجة الرئيس. وكذلك الشيخة سجاح. أو بصورة واضحة شخصية (فضل التجاني) الذي ظهر في الظلام وبقي فيه إلى نهاية الرواية كائنا طحلبيًا بلا جذور ظلّ ينمو إلى أن أصبح مسؤولاً عن الأمن في الدولة. كائن حي هامشي ينمو في الرطوبة والظلال، يحيل سيميائيًا إلى سلطة متغوّلة تتسلل في العتمة، بلا شرعية، لكنها تمتص الحياة وتُغرق محيطها في الركود.

والعنوان كذلك كناية عن طبيعة الاستبداد؛ فالرئيس لا يملك جذوراً شرعية، لكنه يلتف حول كل شيء ويخنقه، بدأ بالمجلس الثوري الانقلابي، ثم بنسيبه أخ زوجته، ثم بالجيش المؤسسة التي جاء منها، ثم بنائبه، ثم برفيقه ماجد النوراني، ثم بقادة المعارضة، ثم بالشعب. الطحلب لا يظهر إلا عندما تتدهور البيئة. بهذا، يمكن قراءته كـ”أثر باقٍ” على فساد شامل إنه ليس مجرد كائن، بل دليل على غياب الشمس/الحرية/الحياة.

وأمّا اللون (أزرق) فإنّه يؤشر ضمن دلالاته المتعدة إلى الكآبة والحزن وهو هنا ينسجم مع النص إذ يؤشر إلى المآسي التي لحقت بالشعب السوداني تحت وطأة القمع. ويدل أيضًا على (البرود والجمود) وهي دلالة تحيل إلى مشاعر اللامبالاة التي تتسم بها السلطة، التي تتجلى في استرخاء الرئيس في مكتبه بينما يعاني الشعب الجوع. 

ومن تركيب شخصية (جعفر إبراهيم البشير) مع دلالة (طحلب أزرق)؛ نقرأ (هجيناً سلطوياً)، شخصية تشبه الطحلب في كونها نموًا مركبًا من عناصر فاسدة متعددة. هذا الاسم، كـ(طحلب أزرق)، ليس رمزًا للفرد، بل تمثيل لطبقة حاكمة كاملة، جمعت بين العنف، والأيديولوجيا الدينية، والاستبداد العسكري؛ اسمه المركب يحاكي تركيب الطحلب ذاته: كائن غير متجانس، غير طبيعي، يقتات على غيره.

الكاتب إذن، يستخدم هذا العنوان بعد تفكير طويل وقصد يصنفه محترفًا في الكتابة الروائية، وهنا تظهر براعة الصويم في استخدام اللغة فـ(طحلب أزرق) ليس مجرد عنوان غريب، بل هو بنية سيميائية مشبعة بالرموز، ليقول: ها هو شكل البلاد بعد أن عبث بها الطغاة/الطحلب؛ النظام الديكتاتوري الكائن الطفيلي. الأزرق مأساة الوطن. وبالجملة وطن مختنق بالطحلب، ملوّن بحزن أزرق، يبحث عن النور.

تقنيات السرد:

اعتمد الصويم في بناء هيكل روايته على تقنيات سرد تناسبت مع الفكرة التي انبت عليها الرواية، وهي أنّ أنظمة الحكم العسكرية ذات طبيعة واحدة، تتأسس على قمع الحريات والانفراد بالحكم استبداداً يذهب بالدولة والشعب الى الموت.  اعتمد في الحكي بصورة رئيسة على الرواي العليم، فهو بصدد حكاية تاريخية، كان الراوي شاهدًا على العصر فيها، مع فتح مساحات للشخصيات لتعبر عن وجودها في بنية النص التي تقبل ذلك، فضلًا عن حديث النفس (المنولوج الداخلي). وقد غلب على بناء جملة السرد الفعل الماضي الذي يبدأ به الفقرات دائمًا وينتقل به من مشهد إلى آخر: (بدا، علا، صدحت، تصدر، أشار، مسح، تقدم، حاول، التقت، اعتصر، ترك) ص5-9. 

بدأ بتقنية الاسترجاع حيث قدم مشهد الإعدام لينطلق منه إلى عالمه المفتوح على أحداث كثيرة جدًا تستدعي عددًا كبيرًا من الشخصيات، فجاءت 43 شخصية تترجم هذه الأحداث على واقع السرد الخيالي. شخصيات أسهمت بصورة فاعلة في بنية الحكي؛ كان وجودها ضرورياً، وليس ترفاً. أكد فاعلية حضورها البناء الرمزي لرسم الصورة وتقاطعها مع أحداث واقعية تاريخية لا تخفى سخرية الصويم في رسمه وتأمين دلالتها لمتلق ظل حاضرًا في وعي الكاتب. (العقيد جون لاقو؛ القائد العام لحركة التحرير، د. عبدالرحمن السيد الحسن؛ رئيس حزب الشعب – جناح العدالة والتنمية، الشيخ الدكتور ماهل السيد فقير؛ تيار الشريعة الإسلامي، السيد علي السيد الإمام، د. إسحق جبريل، الشيخ آدم الهلالي…. إلخ).

لعب الصويم على زمن الحكي، من خلال الترميز لاسم الديكتاتور الذي جمع ثلاث فترات حكم عسكرية، والدلالة مباشرة هي تطابق النسخ. وفي متن الحكي يتنقل الكاتب في الفترة الممتدة من 1958م والى 2019م. أي في خمسين عامًا يرسم مشاهد تتكرر وهو ما يدفعه للسخرية -في رأيي- فقد سخر من كل شيء خاصة من العقل السوداني ومن الإنسان السوداني الذي لا يتعلم الدرس ” هذه البلاد لن تغيرها السنوات؛ الناس هم الناس يلهثون وراء الأوهام والأكاذيب ويؤيدون من يستغلهم ويخادعهم ويستحلب خيراتهم بإدعاء القدسية والبركة”ص305. وفي اللعب بالزمن مهارة تتداخل فيها الأحداث لترسم المشهد الكبير الذي تقوم عليه الفكرة: (نحن ندور في دائرة مفرغة)، وبالتالي انعدمت فكرة البداية والنهاية، وانتفت أهمية الزمن. وانتفاء أهمية الزمن انتفاء لأهمية المكان، وينفضح سؤال الوجود/الكينونة، وبالتالي سؤال الهوية. والجواب لدى الصويم جاهز: هوية غير مستقرة (طحالب) هوية مشوّهة، مختنقة، تبحث عن النقاء في محيط عفن.

جاء الوصف وتبعه الحوار آليتين تقنيتين تتسربان متى سمح توجّه الحكي بحضورهما، في الوصف وظّف الصويم قدراته اللغوية في النعت بكلمة أو كلمتين متتاليتين “مسح الحضور بعينين مرهقتين … فميز وجوهاّ مشهوةّ … لمح نساء باكيات… أبصر أعداء حانقين… وجوههم منكفئة على الأرض… أبصر الشيخة (سجاح) غريمته، وعدوته اللئيمة”. هذا الوصف من فقرة واحدة ص7. وأحيانا يأتي الوصف بجملة اسمية كانت أو فعليه ليعبّر -في الغالب- عن الحال: “تقف منعزلة في بقعة ترتفع قليلًا عن الآخرين”ص7 في تمييز واضح لمكانتها أبرزته اللغة بصورة أساسية في جملة الحال. “تقدم وزير الإعلام وهو يزيح بمنديل أبيض اللّون ذرات الغبار العالقة بزجاج نظّارته، ومسح عرقًّا وارتباكًا من على وجهه ثم ألقى نظرة سريعة على الشيخ ماجد”ص7. وصف جملة (وهو يزيح) لتأمين حال مستمر معه وهو وصف دقيق، ومعرفة باللغة، فهي عادة عنده، بينما تحول الى الجملة الفعلية التي تدل على الحدث في الوصف الثاني (مسح عرقًا)، وهذا ليس مستمرًا معه بطبيعة الحال.

“تذكّر خفّة وزن الضابط النحيل محمولاً على الأقدام المهرولة هربًا من النيران… الإغماءاتّ المتكرَرة ونزيف الدماء… تذكّر الغزلانَ الشاردة…أسرابَ الفراش القزحية… هزيم الأمطار المختلط بأزيز الرصاص ليل نهار…وتَذكّر متاهة الأشجار إْذ تقود إلى النهر ثّم تعود لتقود إلى الأشجار التي تقود مّجدًدا إلى النهر، والشمس تشرق من كلّ الجهات.”ص9. وصف اعتمد الجملة صورةً موحيةً معطوفة على فعل واحد (تذكر) كرره ثلاث مرات كـأنّما يحفّز الذاكرة، في مشاهد متتالية تترجم عمل المخيلة في استحضار الصور، ليرسم لوحة تعبر تمام عن سيلان الذاكرة بعديد الصور في لحظة حقيقية عاشتها الشخصية خارج الوعي في واقع النص، ولكنّها ظلّت قارّة في الوعي وثيقة تحكم علاقة ماجد النوراني بالرئيس.

ولعبت اللغة دورًا مهمًا في بناء الرواية عمومًا بصورة تصنفها تقنية سردية مثلت ظلالها وإيحاءاتها مكونًا مهمًا في بنية الرواية؛ يسعف في التأويل ويقول الكثير من خلال استثمار التشبيهات والإزاحة بصورة عامة: “محدثين صريرًا حادّاً كأنّه آلاماً حادّة جراء جرح عميق أصاب نهر النيل في هذا الصباح الاحتفالي المفاجئ” ص109. ولكن من المهم أن نقرر أنّ الصويم اشتغل على السخرية بصورة مقصودة في إبراز موقفه بوصفه كاتباً. يسخر من إعلام الجهاد الذي يصوّر الشهداء في أيديولوجيا تستغفل الشباب وذويهم بشعار الدين “تضوّع المسك من جسده حتى فاح وغطّى بأريج رائحته كافة مساحات أرض الجنوب”ص114. “يفوح الطيب من جسده، تنادي الأشجار والطيور والسباع باسمه متودّدة، وتتسابق الحور العين لملاقاته عند أبواب السماء”ص115. 

ويسخر من العقل السوداني الذي يرهن نفسه لترهات الإسلام السياسي فجمّد التفكير في أشياء تبدو أمامه، وأعمى نفسه طائعا:”نجح حزب التيار في جعل الجنّة تكون هنا وهناك، ينالها الشهداء حين يعبرون قتلى من دنس الأرض إلى طهارة الجنان، وينالها ذووهم عابرين من حضيض الفقر إلى مراقي الثراء والنعيم والراحة”ص123. 

ويسخر من السودانيين الذي درسوا في الغرب وعادوا للسودان ولم يقدّموا شيئًا لأوطانهم، بل ظلّوا في وهم المعرفة يؤلهون الطواغيت: “يحقّ لردهات القصر الرئاسي التاريخية أن تفاخر… بتجوّله في ردهاتها مرتديًا ثيابه الأفرنجية الأنيقة جدًا وواضعاً الورد الأحمر على سترته، بينما يسمك الغليون بيده وينفث الدخان بفن وتحضّر كبيرين”ص348. 

ويسخر مرة أخرى من إدعاء السودانيين جدارتهم في كلّ شيء وواقع الحال يكذّب ادعاءهم، وقد مثّل بذلك لخريجي جامعة الخرطوم: “…خريجي جامعة الخرطوم المتقنين للغة الانجليزية أكثر من الإنجليز أنفسهم، والمدهشين للخواجات حين يخطبون في أروقة الأمم المتحدة ومنظمات النقد الدولي”ص347. ولا يخفى أثر السخرية في إيصال النقد الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي بطريقة لاذعة، لكنها غالبًا ما تكون ذكية ومُبطّنة، مما يجعل القارئ يُعيد التفكير في الموقف أو الفكرة المستهدفة. يستخدمها الكُتّاب في السرد لإضفاء بعد أعمق على النص وجذب انتباه القارئ بشكل غير مباشر.

فالرواية تمارس تفكيكًا لغويًا للسلطة، فهي تنزع منها قدسيتها الرمزية، وتُظهرها ككائن مشوَّه، كـ(طحلب أزرق)، لا يملك من مقومات الشرعية إلا ما تنسبه إليه أيديولوجيا الخوف والدين. بهذا، يتحوّل السرد إلى أداة تحليل سياسي عميق، وتمرين هوياتي في مقاومة التكلّس.

تأويلات ممكنة:

تكشف رواية (طحلب أزرق) عبر عنوانها وشخصيتها المركزية وسردها المتقن، بنية القمع المتجذرة في تاريخ السودان المعاصر، وتُقارب الهوية الوطنية بوصفها ميدان صراع بين السلطة والشعب، بين المركز والهامش”ربما يستقر في الجنوب ويتزوج وينجب أطفالًا (شمال جنوبيين) يضعون قدمًا هنا وقدمًا هناك”ص26. “السلام تجسّد في شمال البلاد يمشي على قدمين واثقاً بينما يزحف كسيحًا ومعاقًا في جنوبها”ص185. “ومن ورائهم أطلّ رجل… ينثر كلمات الترحيب بلكنة قبليّة نيليّة واضحة بدا كأنه يصرّ على إظهارها تباهيًا أو تفاخرًا أو توهّمًا لعظمة ما”ص295.

الرواية لا تكتب عن الديكتاتور فقط، بل تُعرّي نظامه، وتعيد للحياة السودانية حقّها في التسمية، والمساءلة، والتأمل. تُعيد مساءلة الهوية السودانية المعاصرة التي تشكلت في ظل القمع، وارتبطت – قسرًا – بخطاب الدولة. “بدأنا في تطهير الجيش وركزنا على المقربين من القائد الهارب لاسيما أبناء منطقته في جبال النوبة”ص231.  يظهر الشعب في الرواية ضحية لا للعنف فقط، بل لتشويه مستمر للوعي، كما يُشوّه الطحلب ملامح المكان. وتفضح قدسية الجيش ممثلة في قيادته: “قيادة الجيش تجد في الحرب حقيقتها ومبرر وجودها، وثقب الثراء الذي لابد أن يظلّ مفتوحًا ليحيا الضباط والجنود” ص162.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى