تفكك تحالف بورتسودان… الخطر الداهم
يمر السودان بمرحلة حرجة تتزاوج فيها أزمات الحرب مع هشاشة الحكم، ويبدو فيها تحالف بورتسودان، الذي تشكل كمظلة سياسية وعسكرية بديلة، أقرب ما يكون إلى حافة الانهيار. هذا التحالف، الذي يفترض أن يكون مركز القرار الوطني، صار اليوم ساحة مفتوحة للتنازع بين مكوناته، بعد أن تصاعدت التراشقات الإعلامية والاتهامات المتبادلة بالفساد والتخوين.
اللافت في هذا المشهد هو الدور الذي تلعبه التيارات الإسلامية داخل التحالف. فبدلًا من العمل على رأب الصدع، أصبحت بعض هذه القوى تُغذي الخلافات، وتحرض المكونات المسلحة ضد بعضها البعض، وتبث الشكوك في نوايا الشركاء، سعيًا لتوسيع نفوذها على أنقاض التحالف. كما لا تُخفي هذه التيارات امتعاضها من أداء الفريق أول عبد الفتاح البرهان، متهمة إياه بالتقاعس وسوء إدارة الدولة، وترك الساحة لفوضى سياسية بلا مشروع أو قيادة موحدة.
هذا النمط من التحريض والاصطفاف، وسط واقع أمني معقد وجبهات مشتعلة، لا يهدد فقط وحدة التحالف بل يُنذر بفتح أبواب الفتنة داخل معسكر الحكومة نفسه، بما يجعل الأمن القومي في مرمى التفكك الكامل.
إن ما يحدث في بورتسودان لا يمكن عزله عن مستقبل البلاد. فحين يتآكل مركز الحكم من الداخل، وتتحول المكونات إلى أدوات في صراع نفوذ، لا تعود الحرب مجرد مواجهة مع خصم خارجي، بل تتحول إلى حرب داخلية صامتة، تنفجر عند أول منعطف.
إن تفكك تحالف بورتسودان، إذا تُرك يتفاقم، لن يسقط حكومة فقط، بل سيُسقط ما تبقى من فكرة الدولة المنظمة. وعلى من تبقى من عقلاء هذا التنظيم أن يدركوا أن ما يلعبون به الآن ليس كسابقه، وأن تحالف بورتسودان ليس كتحالف قوى الحرية والتغيير الذي اكتفى عند إزاحته بالعودة إلى وسائله المدنية لإدارة صراعه، فهذا تحالف وسائله في العمل هي البندقية، وإن أي تفجير بهذا التحالف سيحرق ما تبقى من هذه البلاد.