السودان ورئيس وزراء بعد أكثر من ثلاث سنوات

من على الشرفة

 

طاهر المعتصم

 

ظل السودان منذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، دون حكومة مدنية، قسمة ضيزى بين الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، وبعض وكلاء الوزارات، وكل ذلك بإشراف من عسكري مجلس السيادة الانتقالي.

خلال هذه السنوات كان الحدث الأبرز، اشتعال حرب 15 أبريل 2023، وتداعياتها الجسام من مقتل عشرات الآلاف، وحوالي 14 مليون سودانية وسوداني ما بين لاجئ خارج السودان وبين نازح في بعض مدن السودان، إلى أن دخلت فصلًا جديدًا هذه الحرب بتدمير البُنى التحتية.

أصبح هناك ثلاث كتلٍ سودانية، أولاها الجيش السوداني وحلفاؤه، والدعامة وحلفاؤهم في (تأسيس)، والمدنيون وهم الفريق الثالث، الرافض للحرب، مع اصطفاف إقليمي مع المؤسسة العسكرية من جهة وحليفها السابق المتمرد عليها من جهة، وهذا أخطر ما في الأمر، أن تصبح التدخلات الخارجية سيدة الموقف.

مؤخرًا قررت الولايات المتحدة أن حكومة السودان متهمة باستخدام أسلحة كيميائية في عام 2024، مما يُعد انتهاكًا لالتزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. ونتيجة لذلك، ستفرض عقوبات جديدة، تشمل تقييد الصادرات الأميركية إلى السودان ومنع الحكومة السودانية من الوصول إلى خطوط الائتمان التابعة للحكومة الأميركية، وهي خطوة تأزم الوضع الاقتصادي أيما تأزم، وتدخل السودان في متاهات عاش فيها سنوات في عهد نظام البشير والإخوان.

واقع مزرٍ لوطن فعليًا تتقسم مناطق السيطرة عليه أربع جهات، الجيش السوداني غالبية أرضه، قوات الدعم السريع بوحشيتها وانتهاكاتها في مناطق سيطرتها، والحركة الشعبية شمال (كاودا) في جنوب كردفان، وحركة جيش تحرير عبدالواحد محمد نور في دارفور.

الغائب الأبرز الآن هو الأمن والسلام، وقد تمنى اجتماع مجلس السيادة الانتقالي الأخير للحكومة الجديدة المشكله بقيادة بروفيسور كامل إدريس أن تحقق الأمن والسلام، وتحتهم يندرج الكثير من التفاصيل الواجب إحكامها.

هل توفرت إرادة قوية لتنفيذ خارطة الطريق المعلنة من قبل الحكومة السودانية ومودعة في الأمم المتحدة، وتم التأكيد عليها أمام جامعة الدول العربية في اجتماعها في بغداد مؤخرًا، أم هي محاولة لغسل ماء الوجه والعودة للمنظمات الإقليمية المجمدة للسودان.

تسمية رئيس وزراء مدني، وإلغاء الإشراف العسكري على الوزارات، ليس كافيًا، بل هناك المزيد من الإجراءات اللازمة والواردة في خارطة الطريق، السودان يحتاج إلى غرفة عناية مركزة، واستشفاء وطني، وبناء مؤسسات واستعادة سيادة القانون، وحرب على الفساد.

ربما لحسن الطالع أن من كُلف بالإمساك بمبضع الجراح، البروفيسور كامل إدريس، لديه رؤية واضحة ترتكز على كتابه (السودان 2025  الحلم وتقويم المسار)، أي نظريًا تتوفر رؤية وخطط وتجربة وارادة قوية للتنفيذ والمتابعة، عمليًا الواقع معقد، وجسور الثقة مقطوعة، والصلاحيات عقب الفطام من الصعب أن تتنزل، ومراكز القوى متعددة.

آخر قولي إن ما قالته الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية، من أن تعيين رئيس الوزراء بمثابة خطوة هامة، مطلوب من أهل السودان بمختلف مواقعهم حكامًا أو متمردين، إعطاء فرصة للخطوة الهامة، فالسودان يستحق.

Exit mobile version