ازدحام وجوع ومرض

سجن بورتسودان مسلخ للانسانية ومشنقة للادمية

 

يعاني سجن بورتسودان شرقي البلاد من تدهور خطير في الأوضاع الإنسانية والظروف الحياتية والمعيشية والخدمية والصحية والأمنية. هذا التدهور يعود إلى عدة أسباب منها:

– الازدحام: يستضيف السجن حوالي 1600 سجين، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني.

– نقص الطعام والدواء: الطعام المقدم للسجناء غير كافٍ ورديء النوعية، وغير صالح للاستهلاك في كثير من الأحيان. 

مشاكل في مياه الشرب*: 

مياه الشرب في السجن غير صالحة للشرب، حيث تُخلط المياه المالحة بالمياه المحلاة.

– أوضاع صحية ردئية: تفشي الأمراض بين السجناء نتيجة لسوء الظروف الصحية ونقص الرعاية الطبية.

– انتهاكات حقوق الإنسان: الاعتقالات التعسفية دون إجراءات قانونية، والتعذيب، وانتهاك الحقوق.

– تأخير المحاكمات: بعض السجناء ينتظرون المحاكمة لمدة تصل إلى عام ونصف دون محاكمة، وتأجيل جلسات المحاكمة لفترات طويلة.

استفهامات : 

هل تتدخل السلطات بشكل عاجل لمعالجة هذا الوضع الكارثي.

ماذا يمكن أن تفعل منظمات حقوق الإنسان   حتى يحدث حراك يخفف من الوضع المأساوي بالسجن.

سجن بورتسودان… ازدحام وجوع ومرض

 

 

أفق جديد

 

تدهورت أوضاع السجون في السودان، بعد الحرب، بشكل خطير إثر الاعتقال التعسفي دون إجراءات قانونية مع نقص حاد في الطعام والشراب والدواء، وتفشي الأوبئة والأمراض.

وفي مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، يشهد السجن اكتظاظًا بالمحتجزين، في ظل تدني سلاسل الإمدادات الغذائية وتردي مستوى الرعاية الصحية.

وانتقلت معظم مؤسسات الدولة، بما في ذلك النيابة العامة والسلطة القضائية إلى العمل في مدينة بورتسودان، التي أصبحت مركزًا لإدارة حكم البلاد بعد اندلاع النزاع المسلح منتصف أبريل 2023.

وتعاني مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة من أزمة مياه الشرب النقية، ويعتمد السكان على محطات التحلية، فيما لا يزال مشروع إمداد المدينة بمياه نهر النيل متعثرًا رغم تطاول السنوات.

وأبلغت مصادر حقوقية “أفق جديد”، أن “سجن بورتسودان وصل إلى مستويات خطيرة جراء تردي الأوضاع الإنسانية والظروف الحياتية المعيشية والخدمية والصحية والغذائية والأمنية”.

ووفق المصادر فإن “الميزانية المخصصة للسجن لم تستخدم في أعمال الصيانة والتطوير والتأهيل وتبددت في تعزيز الإجراءات الأمنية”.

المصادر الحقوقية تطالب بضرورة التدخل العاجل من مؤسسات حقوق الإنسان لزيارة السجون في السودان للوقوف على حجم الانتهاكات، وتوفير الرعاية الصحية الكاملة للمحتجزين.

كما أفادت عائلات “أفق جديد”، أن “الطعام الذي يمنح للنزلاء غير كافٍ ورديء النوعية وغير صالح للاستهلاك”.

وحسب العائلات التي رأت ضرورية حجب هويتها، أن “المحتجزين في سجن بورتسودان يعانون من الجوع وتفشي الأمراض”.

وقالت عضو المكتب التنفيذي لمجموعة “محامو الطوارئ”، رحاب مبارك، السبت الماضي، إن “المحتجزين في سجن بورتسودان شرقي السودان يعيشون في وضع كارثي، خاصة مع تطاول أمد المحاكمات”.

وأوضحت مبارك في بيان اطلعت عليه “أفق جديد”، أن  “1600 سجين في سجن بورتسودان يعيشون في ظروف سيئة، تفاقمت بعد استهداف مقار عسكرية قرب السجن، مما أثار قلق السجناء من أن المدينة أصبحت غير آمنة”.

وأشارت إلى أن الوضع في السجن كارثي، لافتقاره لأدنى معايير السلامة والعدالة، وانتقدت تطاول فترة انتظار المحتجزين، حيث تؤجَّل قضايا الاتهام بذريعة أن أعضاء الخلية الأمنية متفرغون للعمل الميداني ولا يتمكنون من الحضور للمثول أمام المحاكم.

ويُقدّم أحد عناصر الخلية الأمنية، وهي تنظيم يضم أفرادًا من الجيش وجهاز المخابرات والشرطة مُنح سلطات الاعتقال والتفتيش، دعاوى قانونية ضد الذين يعتقلهم، مما يجعله شاكيًا تطلب المحكمة سماع أقواله.

وأفادت رحاب أن القانون يتيح بقاء المتهم في الاحتجاز لمدة تصل إلى 6 أشهر بغرض التحقيق قبل إحالته إلى المحكمة، فيما يبقى بعض المتهمين في سجن بورتسودان لمدة وصلت إلى عام ونصف العام دون تقديمهم إلى محاكمة.

وشكت من تباعد جلسات المحاكمة، حيث تصل في بعض الأحيان إلى 40 يومًا، مما يخالف أعراف المحاكمات العادلة التي يجب أن تكون سريعة وناجزة.

وأوضحت أن بعض المحكومين ينتظرون شهورًا للبت في استئنافهم، رغم تقديمه خلال أول 15 يومًا من صدور الحكم.

وذكرت رحاب مبارك أن هناك 250 محكومًا عليهم بالإعدام في السجن، منهم 75 من الدرجة (أ)، بتهم التعاون مع قوات الدعم السريع وفقًا للمادتين 50 و51 من القانون الجنائي.

وبيَّنت أن هؤلاء ينتمون لفئات المعلمين، والأطباء، والمحامين، والصحفيين، والطلاب، وهم حسنو السلوك، ولا يظهر عليهم ما يدل على صفات إجرامية، مما يؤكد ظلم اتهامهم وتسييس إجراءات اعتقالهم.

وأضافت: “تم الحكم على بعضهم بسبب رسائل هاتفية عبَّروا فيها عن آرائهم الرافضة للحرب، أو بدوافع قبلية وجهوية”.

وكشفت عن توقف محطة تحلية المياه في السجن، حيث تُخلط المياه المالحة بالمياه المحلاة المجلوبة من الخارج، قبل تبريدها لمنع اتضاح ملوحتها.

من جهته قال المحامي المدافع عن حقوق الإنسان، معز حضرة، إن أوضاع السجون في البلاد متردية قبل اندلاع الحرب وتفتقر إلى المواصفات المطلوبة، لكن بعد الحرب فإن الأحوال ساءت بشكل أكبر.

وأوضح حضرة في حديثه لـ”أفق جديد”، أن السجون تكدست بالنزلاء ما تسبب في انتشار الأوبئة والأمراض وأدى إلى الوفيات، وحسب معلوماتنا أن الأوضاع الإنسانية في سجن بورتسودان تعقدت لتوفر المياه والكهرباء.

وأضاف، “معظم النزلاء يصلون السجون في حالة إنهاك لاعتقالهم بواسطة الخلية الأمنية وهي جهة غير  قانونية وهي مجموعة من الإسلامويين وكتائب البراء، وهؤلاء يعتقلون الأشخاص داخل مكاتبهم بدون أوامر من النيابة أو القضاء مع عمليات تعذيب وانتهاك الحقوق، وبعد شهور طويلة ومطالبات يفتحون البلاغات ويحولون المتهمين إلى النيابة.

وتابع، “حتى الذين فتحت في مواجهتهم بلاغات بتهمة التعاون مع الدعم السريع يصلون إلى السجن منهكين ويتعرضون للتعذيب داخل السجن، ولدينا المحامي منتصر عبد الله الذي كلفناه بالدفاع عن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وتعرض للتعذيب وممارسات غير أخلاقية داخل سجن بورتسودان”.

واُعتقل المحامي منتصر في 7 سبتمبر 2024، بعد تقديمه طلبًا إلى النيابة العامة يتعلق بالاطلاع على يومية التحري في الدعوى المقيدة ضد رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك وقادة سياسيين أعلنوا رفضهم استمرار الحرب.

وقالت النيابة العامة في 13 أكتوبر 2024، إنها أوقفت عبد الله في 10 من الشهر ذاته بغرض التحقيق في مخالفات قانونية مُدعمة ببنية كافية لا علاقة لها بطلب الاطلاع على يومية التحري.

وأكد حضرة أن الأوضاع سيئة للغاية داخل السجون خاصة في مدينتي شندي والدامر وأغلبية المعتقلات ليست مهيأة كسجون، وحسب المعلومات التي وصلتنا فإن السجون تعاني التكدس ما يساعد في انتشار الأمراض، بالإضافة إلى عدم وجود الطعام الصحي والمياه الصالحة للشرب.

وأشار إلى أن الأوضاع مأساوية داخل السجون في ظل غياب اللجان الدولية والنيابة، وحسب قانون الإجراءات الجنائية فإن السجن لا بد أن يكون مهيأ ويحتوي على إمكانيات صحية، لكن للأسف في ظل غياب مؤسسات الدولة فإن كثيرًا من الانتهاكات تحدث دون محاسبة أو مساءلة وإفلات كامل من العقاب رغم التقارير الموثقة وفتح البلاغات، لكن للأسف لا وجود لأي إجراءات ضد من نفذوا تلك الانتهاكات.

وتابع “حتى سجن سوبا الذي كان تحت سيطرة قوات الدعم السريع لم يكن مؤهلًا بالشكل المطلوب للتكدس الكبير للمعتقلين، ومع تفشي الكوليرا والحمى النزفية، حدثت وفيات كثيرة بعد عام من الاعتقال دون معرفة أماكن دفنهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى