التحديات التي تواجه السودان في حال عدم العودة إلى منبر التفاوض

حاتم أيوب

تتسارع مجهودات المجتمع الدولي نحو حسم الصراع في السودان والعودة إلى التفاوض لإيقاف الحرب، وذلك لعدد من الأسباب الجيو سياسية والإنسانية المتردية، في ظل تصاعد خطاب أطراف الحرب ورغبتهم في اتساع رقعته، في الشمال من قبل الدعم السريع، والتوسع في الغرب من قبل الجيش وحلفائه، وزيادة وتيرة الحرب وإدخال منظومات جديدة في القتال هو ما يجعل الوضع الإنساني في تحدٍ جديد، تفشي الأمراض الناتجة عن استخدام المواد السامة، إذ بذلك اكتمل تسمم الوضع برمته وتمدد خطاب العنف والكراهية والزج بالمدنيين في الحرب، وإجبارهم على أن يكونوا طرفًا فيها وذلك بعدد من الأسماء البراقة، وتجميل الموت والانتهاكات بمبررات لا تمد للإنسانية بصلة.

 إن أول التحديات الإستراتيجية لمستقبل السودان هما السلطتان، الأولى الموجودة أصلًا، والأخرى الموازية للسلطة القائمة في بور سودان، كما يجري نسجها الآن لتطول فترة الحرب لأن تصبح من أولويات السلطة الجديدة، ليس التفاوض كما ترغب، هي تعمل من أجل تعزيز سلطتها ونفوذها لاكساب شرعية إقليمية ومحلية أولًا ثم بناء هيكلها لأن تنشئ علاقات دولية جديدة ونظام حكم فيدرالي، يرسخ ما يجعل التحدي تحديات تجبر أي توليفة سياسية جديدة موحدة يصعب أن كانت على طاولة التفاوض، ويمدد من تباعد الوصول إلى سلام في الوطن الموحد كما يتمنى السودانيين والسودانيات المدنيين الذين يعبر عنهم صوت تحالفاتهم المدنية التي ترفض الحرب وتدعي أطرافها للتفاوض منذ بدايتها في 2023، فإن التحديات التي تواجه السودان في مرحلته الحالية يجب أن تراعى من قبل أطراف الحرب المعلنين والطرف الخفي الذي يدير المشهد ويزيد من التحديات في مغامرة أخرى نحو السيطرة على السلطة بعد رفضهم من قبل السودانيين في 2018م. 

عزفهم لسمفونيات العرق والجهوية التي وضعت من قبلهم بشكل إستراتيجي منذ وصولهم للسلطة في 1989م. استغلال بساطة السودانيين التوغل في الخطاب الشعبوي السلبي والسيطرة على الواجهات الإعلامية واستخدام نفوذهم الإقليمي يدخل السودان نحو تحديات دولتين بدلًا عن سلطتين في السودان، لأن الواقع المتعند من قبل الجماعة ومحاولات شيطنة الجميع بما فيهم القوة الرافض للحرب مفاده إنهاء خصومهم أو تأسيس حكومة (رشيقة)، كما ظهر المصطلح منذ منتصف حكمهم في السودان، لذلك التحدي اليوم ليس من قبل أطراف الحرب العلنيين بل هو الطرف الخفي الذي أصبح سلوكه ظاهرًا في الحرب، هو من يملك تصورات وبدائل من أجل البقاء في السلطة، هو التحدي الإستراتيجي لإفشال أي عودة إلى منبر التفاوض لوقف إطلاق النار والتمهيد للسلام المرتجى من قبل السودانيين والسودانيات في وطن موحد وعادل، فوق كل الجراحات والماضي الأليم، لا مفر منه في نهاية المطاف وإن طالت المدة وكثرت الحجج الواهية وتسويق الوهم الذي يجافي الواقع والمنطق.

نعود…

Exit mobile version