أفق جديد – غرب كردفان
مع تصاعد حدة الصراع في السودان، تتحول مدينة النهود بولاية غرب كردفان إلى واحدة من أبرز بؤر المأساة الإنسانية، وسط استمرار المعارك، وتفاقم الوضع الأمني والإنساني.
وأفاد شهود عيان “أفق جديد” أن مئات الجثث لا تزال منتشرة في شوارع المدينة، في ظل غياب تام لعمليات الدفن، وتصاعد الروائح الكريهة، وانتشار الحيوانات الضالة.
وأكد الشهود أن قوات “الدعم السريع”، التي سيطرت على المدينة منذ الثاني من مايو الماضي، فرضت حصارًا كاملًا، مانعة حركة الدخول والخروج، وصادرت الهواتف المحمولة، كما حولت المرافق الصحية إلى ثكنات عسكرية.
مرافق صحية مغلقة وأوامر صارمة
ذكرت مصادر طبية أن مستشفى النهود التعليمي، ومستشفى البشير، تم تخصيصهما لعلاج عناصر الدعم السريع، ومنع المدنيين من دخولهما، مع تهديد من يخالف القرار بالتصفية الجسدية.
كما ورد في بيان لغرفة طوارئ “دار حمر” أن القوات هاجمت قرية “بني بدر”، واعتدت على سكانها، ونهبت الأسواق واستولت على وقود محطات المياه، مما تسبب في أزمة عطش حادة.
أزمة مياه ونزوح جماعي
أفادت الغرفة بأن قرًى عدة باتت تعاني من انعدام شبه كامل في مياه الشرب، عقب تخريب الخط الناقل من النهود، ومصادرة أجهزة الإنترنت الفضائي (ستارلينك)، التي كانت تسهم في التواصل وتيسير خدمات الإغاثة.
وقدرت الغرفة عدد المتضررين في إحدى القرى بنحو 10 آلاف شخص، معظمهم معرضون لخطر الموت عطشًا، في ظل نفوق المواشي وتوقف مصادر المياه.
وبحسب المصادر، لجأ المواطنون إلى وسائل تقليدية لتأمين الماء، مثل عربات الكارو، بعد نهب عربات نقل المياه. وبلغ سعر “تانكر” المياه في بعض المناطق أكثر من 1.5 مليون جنيه سوداني، وسط أزمة متفاقمة في السلع الأساسية، حيث ارتفع سعر كيلو السكر إلى 8 آلاف جنيه، وانعدمت سلع أخرى مثل البصل والزيت والقهوة.
نهب واسع وترويع سكاني
أوضحت مصادر مطلعة لـ”أفق جديد” أن المدينة شهدت موجة واسعة من عمليات النهب والاعتداء على الممتلكات، استهدفت السيارات، الهواتف، الأموال، المصوغات، والمرافق الصحية، كما تم تسجيل حالات اغتصاب وخطف لفتيات تحت تهديد السلاح.
وتعرض سكان القرى المجاورة للنهود إلى الانتهاكات ذاتها، بما في ذلك قتل من رفض تسليم بناته.
وذكرت المصادر أن السكان اضطروا للنزوح سيرًا على الأقدام إلى الأرياف، حيث واجهوا أزمة مياه حادة نتيجة تعطل الخطوط الناقلة، كما تعطلت جميع المرافق الصحية، وهربت الكوادر الطبية، فيما جاب المرضى الشوارع دون أي رعاية.
نزوح واسع وتحذيرات من كارثة أكبر
في بيان صدر منتصف مايو الماضي، أعلنت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، عن نزوح أكثر من 7,200 أسرة من النهود والخوي خلال يومي 1 و2 مايو فقط، بسبب تفاقم انعدام الأمن.
ووفق المنظمة الدولية، فإن معظم النازحين توجهوا إلى مناطق “غبيش” و”ود بندا” و”السلام” بولاية غرب كردفان، و”غرب بارا” في ولاية شمال كردفان.
استعدادات عسكرية وتوقعات بتصعيد جديد
تستمر قوات الدعم السريع في حشد قواتها بمدن غرب كردفان، في محاولة لعرقلة تقدم متحرك “الصياد” التابع للجيش السوداني، الذي يسعى لاستعادة السيطرة على المنطقة.
وتشير التقديرات إلى أن المعارك المرتقبة قد تدفع بموجة نزوح جديدة، مما ينذر بتدهور إنساني غير مسبوق.