تصاعد الدعوات لتصنيف الحركة الإسلامية السودانية كمنظمة إرهابية

سجل دموي وأدوار محورية في الحروب

 

 أفق جديد

تتزايد الدعوات السياسية والمدنية في السودان وخارجه، لتصنيف الحركة الإسلامية السودانية، المعروفة محليًا بـ”الكيزان”، كمنظمة إرهابية، في ظل تواتر التقارير التي توثق تورطها في أعمال عنف ممنهجة داخل السودان، وعلاقاتها التاريخية بالتنظيمات الجهادية العالمية، وسط تحركات مماثلة على الصعيد الدولي لتصنيف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وفروعه ككيانات إرهابية.

إرث ممتد من التطرف

تمتلك الحركة الإسلامية السودانية، وهي الفرع الأقوى والأكثر تأثيرًا للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين خارج مصر، سجلًا مثيرًا للقلق منذ صعودها إلى السلطة عبر انقلاب عسكري على الحكومة المنتخبة في يونيو 1989. وعلى مدار ثلاثة عقود من الحكم، بنت الحركة دولة أمنية قائمة على القمع السياسي والديني، وتورطت في انتهاكات واسعة ضد الخصوم والمعارضين، بينها تعذيب واغتيال ناشطين، وسيطرة على مفاصل الدولة الاقتصادية والأمنية.

كما وفّرت الحركة ملاذًا آمنًا لقيادات إرهابية عالمية مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وأسهمت أراضي السودان حينها في التخطيط لهجمات كبرى، أبرزها تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998، ومحاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995.

تورط مباشر في الحرب الحالية

وفي خضم الحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل 2023، وثقت تقارير محلية ودولية تورط مليشيات مرتبطة بالحركة الإسلامية في جرائم حرب، بينها قطع رؤوس مدنيين وبقر بطون الضحايا، ونشر مقاطع فيديو توثق هذه الانتهاكات. من بين هذه المليشيات كتيبة “البراء بن مالك” و”البنيان المرصوص” و”البرق الخاطف”، وكلها تعمل ضمن أجندة الحركة التي تسعى، بحسب مراقبين، إلى إعادة تموضعها في السلطة عبر الفوضى العسكرية.

دعوات متصاعدة للتصنيف الإرهابي

في تصريحات لـ”Sudan Peace Tracker”، دعا عدد من القادة المدنيين والسياسيين إلى حظر الحركة الإسلامية وتصنيفها كمنظمة إرهابية عابرة للحدود، مؤكدين أن استمرار نشاطها يمثل تهديدًا مباشرًا للسلام والاستقرار في السودان والمنطقة.

قال خالد عمر يوسف، الوزير السابق والقيادي في تحالف “صمود”: “أجندة الحركة عمّقت الانقسام وقادت إلى جرائم إبادة، ولا تزال تشعل الحرب وتمدد أمدها. الضغط الدولي لعزلها يمثل خطوة ضرورية لإعادة الاستقرار”.

من جهته، اعتبر بابكر فيصل، رئيس المكتب التنفيذي لتحالف الاتحاديين، أن الحركة: “جماعة تمجّد العنف وتتبنى إقصاء الخصوم جسديًا، وبالتالي يجب التعامل معها وفق تصنيف الإرهاب”.

أما الباحث عبد المنعم الجاك، فحمّل القوى المدنية مسؤولية الفشل في اجتثاث الحركة بعد الثورة وقال: “التركة التي خلفتها الحركة لم تُعالج. كان ينبغي تفكيك سيطرتها على الأمن والمال والإعلام، وتصنيفها رسميًا كجماعة إرهابية منذ البداية”.

من جهته، قال وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري: “الحركة ساهمت في بناء أجهزة القمع، وشاركت في انقلاب 25 أكتوبر، ولعبت دورًا محوريًا في إشعال حرب 15 أبريل. وارتبطت تاريخيًا بشبكات التطرف العالمي، وتصنيفها خطوة ضرورية لتفكيك الإرهاب”.

تحركات دولية موازية

تزامنت هذه الدعوات مع مطالبات في الكونغرس الأمريكي، لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، آخرها في رسالة وجهها النائب الديمقراطي جاريد موسكوفيتز للرئيس ترامب. كما حذرت الحكومة الفرنسية، في تقرير حديث، من خطر التنظيم على التماسك الاجتماعي، وحظرت الأردن أنشطة الجماعة أواخر أبريل 2025، لتنضم بذلك إلى مصر والسعودية والإمارات ودول أخرى اتخذت خطوات مماثلة.

معضلة سودانية – دولية

يرى مراقبون أن تصنيف الحركة الإسلامية كمنظمة إرهابية لن يكون مجرد إجراء أمني، بل خطوة محورية لإعادة هيكلة المشهد السياسي والأمني في السودان، وقطع الطريق على أي محاولات لإعادة تدوير النظام القديم.

لكن تنفيذ هذا التصنيف يتطلب إجماعًا سياسيًا داخليًا، ودعمًا إقليميًا ودوليًا فعّالًا، إلى جانب آليات صارمة لتفكيك شبكات التمويل والدعاية التي لا تزال تعمل، سواء في الداخل أو عبر منابر خارجية مثل تركيا وقطر.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى