وائل محجوب
- انفجرت الحرب بين إسرائيل وإيران، وهي حرب مدمرة تستهدف ليس تدمير قدرات إيران النووية فحسب، إنما تستهدف اقتلاع آخر بؤر المقاومة المسلحة الموجهة للكيان الصهيوني، وهي جزء من استراتيجية الإخضاع التي تتبعها إسرائيل، بعدما صارت تحظى بالدعم العلني من الولايات المتحدة، والدول الغربية، والتواطؤ والتعاون الإقليمي.
- هذه المواجهات التي اندلعت فجر الجمعة، هي الأعنف وهي تتجاوز كل القوانين الدولية والعلاقات السياسية والدبلوماسية، وهي تكريس لهذه الحقبة التي صارت فيها دولة الكيان أعلى من القانون والمؤسسات الدولية، وتستطيع أن تهاجم أي دولة دون أي اعتبارات خلاف حسابات النصر والهزيمة، وتحقيق الأهداف.
- لقد مثلت عملية طوفان الأقصى التي تمت في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣م، بمشاركة حركة حماس من فلسطين وحزب الله من جنوب لبنان، وقوات الحوثيين من اليمن وبغطاء سياسي إيراني، المدخل الذي قاد لكل التداعيات اللاحقة والحالية، حيث تمت استباحة غزة ودمرت تمامًا، وجرى ضرب وتدمير حركة حماس وتعقب قادتها السياسيين والعسكريين الواحد تلو الآخر واغتيالهم، وتم اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله وقادة حزبه، كما تم استهداف قوات الحوثيين في اليمن، وكانت آخر الضربات هي إسقاط النظام السوري، الذي مثل المسمار الأخير في نعش هذا الحلف، والخسارة الكبرى لدولة حليفة وعلى خط المواجهة، وكانت هذه بمثابة عملية نزع أظافر لإيران، وتجريدها من حلفها السياسي ومسانديها في المنطقة، تمهيدًا لاستهدافها بشكل مباشر، وتحطيم قدراتها العسكرية.
- لقد كان الغطاء السياسي لهذه الحرب هو تحطيم أي قدرات لامتلاك السلاح النووي بواسطة إيران، وذلك استنادًا لتحذيرات صدرت من المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، في مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية نشرت بتاريخ ١٦ أبريل الماضي، قبل زيارة قام بها لطهران، وقال فيها إن إيران ليست بعيدة عن تطوير قنبلة نووية، مؤكدًا على امتلاكها ما يكفي من المواد لإنتاج ليس قنبلة واحدة بل عدة قنابل نووية، مشيرًا إلى أنها لا تمتلك أسلحة نووية حتى الآن.
- وقد تم الترويج لهذا التصريح في إفادات المسؤولين الإسرائيليين، كمسوغ لمهاجمة إيران وتدمير قدراتها، حتى يظل ميزان القوى العسكرية والنووية مرجحًا لكفة إسرائيل في المنطقة.
- بدء الحرب شأن وما ستمضي إليه شأن آخر، وهي ستقود لعواقب وخيمة حال استمرارها، فمن المرجح أن إيران ستجد من الحلفاء من يساندها، كما أن روح التجبر والعدوان هذه ستقود لاصطفاف مضاد يوسع من نطاق الحرب ودائرتها، وهي ستضع المنطقة بكاملها على برميل بارود، مع كافة الاحتمالات الخطيرة المترتبة على استهداف الطرفين للمنشآت النووية، بخلاف تبعاتها القادمة التي ستنعكس على اقتصاديات العالم والمنطقة، والتداعيات السياسية التي ستتمخض عنها التي ستنتهي إما بانهيار إيران وانطلاق إسرائيل بلا ضابط ولا رابط في المنطقة، أو بانهيار هجومها وبدء موجة مضادة من التطرف والتصعيد