وائل محجوب
- مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران فإن الملف السوداني سيشهد تراجعًا إقليميًا ودوليًا أكبر مما كان حادث قبلها، فقد فرضت وقائع هذا التصعيد العسكري بالغ الخطورة، الذي يستهدف المنشآت العسكرية والنووية في البلدين، ضمن استهدافه لمختلف مراكز البنيات التحتية، حالة قلق كبيرة من مآلاته الكارثية في حال نجاحه في تحقيق أهدافه.
- وقد حازت هذه التطورات كامل الاهتمام الإقليمي والدولي، وتترقب مختلف الجهات المسار الذي ستمضي عليه هذه الحرب، وما ستقود إليه من اصطفافات حال استمرارها، وما سينتج عنها من واقع جديد، أيًا كانت السيناريوهات التي ستنتهي عليها، سواء انتهت بفوز طرف وهزيمة الآخر، أو انتهت على مائدة التفاوض، والكيفية التي ستنتهي عليها، بما يعني وضعية كل طرف وحجم الدمار والخراب المادي والسياسي والدبلوماسي الذي سيطاله، وينعكس على حلفائه ومسانديه.
- وللحق فإن حرب السودان قد صارت نسيًا منسيًا، حيث توقفت المبادرات الإقليمية والدولية، منذ آخر محاولة تمت لجمع الطرفين على مائدة التفاوض لبحث العمليات الإنسانية في جنيف أغسطس من العام الماضي، التي تمت مقاطعتها من قبل القوات المسلحة، وإنْ قبلت بفتح المسارات الإنسانية الحدودية كتفاعل مع محادثاتها.
- ومنذ ذلك التاريخ انفتح الباب على مصراعيه للتصعيد العسكري بلا توقف، وارتفعت وتيرة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من قبل كل أطراف الحرب، وتعدلت وتبدلت موازين القوى على الأرض بعد استرداد القوات المسلحة والحركات والمليشيات المسلحة الحليفة لها للخرطوم، وانسحاب قوات الدعم السريع إلى تخوم كردفان وولايات دارفور، وهو تراجع سعت للالتفاف عليه سياسيًا عبر تحالفها السياسي “تأسيس”، وأحاديث قادة التحالف المتكررة عن تشكيل حكومة موازية لم تتحقق، بينما اتجهت القوات المسلحة وحكومة بورتسودان إلى تشكيل حكومة أوكلت أمرها لرئيس الوزراء المعين د. كامل ادريس، بعدما أدخلت تعديلات جوهرية على الوثيقة الدستورية منحت مزيدًا من السلطات لمجلس السيادة ورئيسه، على حساب منصب رئيس الوزراء وما منحته له الوثيقة من قبل من صلاحيات.
- لقد دخلت الحرب في السودانية مرحلة اللا سلم ولا حرب، وهي النقطة الحرجة، التي لا يكون فيها للانتصار العسكري أثر سياسي، بعدما حقق كل طرف مبتغاه من وراء العمليات العسكرية، ووضع يده على كامل مناطق النفوذ التي تتيح له هامش المناورة الذي يريده، كما أن إعادة التعبئة السياسية والعسكرية، والتحضيرات اللوجستية، تتطلب وقتًا وجهدًا ودعمًا ماليًا ضخمًا، والأرجح أنه ستكون هناك مناورات عسكرية محدودة، وهجمات بالطيران والمسيرات، تستهدف مراكز القوى لدى كل طرف، والمنشآت ومراكز الخدمات، قبل حلول فصل الخريف، الذي سيعطل العمليات في مناطق واسعة من البلاد، مما يعني أن حرب السودان، ستنتظر هي الأخرى تداعيات ما ستسفر عنه حرب الشرق الأوسط، وعندها سيكون لكل حدث حديث.