السودان والإقليم
من على الشرفة
طاهر المعتصم
منذ السابع من أكتوبر بعد خمسة أشهر من اندلاع حرب الخرطوم في أبريل 2023، بدأت خريطة النفوذ في الشرق الأوسط تتغير، كان الثور الأبيض حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ودفع الشعب الفلسطيني أثمانًا فادحة ولا يزال، في نهاية يوليو 2024 تم استهداف إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة في العاصمة الإيرانية طهران، وتواصل موكب الاستهداف وصولًا إلى السنوار.
ثم بدأ اقتلاع حزب الله اللبناني، في سبتمبر من العام الماضي، واُستهدف السيد حسن نصرالله، ودمرت البنية التحتية لمواقع سيطرة حزب الله، أثر هذا الاستهداف على الحزب الذي تبنى المقاومة والمدعوم إيرانيًا، فقد أغلب نقاط قوته السابقة، وتشكلت حكومة لبنانية جديدة في يناير، حيث كلف رئيس الجمهورية جوزيف عون القاضي الدولي نواف سلام.
في يناير 2025 نفسه، وعلى مقربة من لبنان سقط نظام بشار الأسد البعثي، في ساعات قليلة تبخر النظام الحاكم، وهرب بشار وأسرته إلى موسكو، ليعتلي السلطة أحمد الشرع، وفي سرعة لافتة يتم توحيد السيطرة على الفصائل السورية المختلفة، وشهدنا توسع نفوذ الكيان في الأراضي السورية.
إذن ثلاث مناطق مقاومة كانت تحت تأثير الدعم الإيراني، خلال أقل من عام ونصف العام (أكتوبر 2023 إلى يناير 2025)، تم إحداث تغيير عنيف فيها، مع خسائر بشرية ومادية فادحة في غزة، التي ما زالت تحت وطأة الحصار.
وبعد أقل من ستة أشهر من الاستهداف لمراكز المقاومة الإسلامية سنية أو شيعية أو بعثية، كان استهداف إيران نفسها، ومفاعلها عبر خطط استخبارية غير مسبوقة، واختراق الجبهة الداخلية الإيرانية، استهداف لقادة عسكريين وعلماء إيرانيين، وصباح الأحد 22 يونيو الجاري، أعلن الرئيس ترامب، ضرب ثلاث مناطق “فوردو ونطنز واصفهان”، في تطور كبير لافت للنظر.
في السودان بالتزامن مع دخول حربه العام الثالث، وإطلاق خطط تغير الشرق الأوسط المتسارعة والمخيفة، أصدرت الخارجية السودانية بيان إدانة أسوة بدول الجوار، لكن أبت نفس أحد الفصائل الإسلامية السودانية بقيادة علي كرتي، إلا المزايدة على الخارجية السودانية ببيان أكثر تضامنًا ودعمًا، كأن السودان يحتاج إلى استدعاء أطراف خارجية أكثر، لتعقد المشهد أزيد من تعقيده الحالي.
آخر قولي إن التغييرات الكبيرة في السياق الإقليمي، في الاقتلاع أو تقليم الأظافر، هو إيذان بمرحلة أسوأ، وشئنا أم أبينا نحن جزء من هذا السياق، لكن نصيحة الطيب صالح تنزلت عليه شآبيب الرحمة، في ما معناه إننا في هامش هذا السياق، فلا يجب تبني نظريات مركزه.