على حافة الأفق

العقل السياسي السوداني (3): عقل الثورة المستمرة

د. صلاح عمر 

عقل الثورة المستمرة

ثورة ديسمبر المجيدة لا جدال أنها زلزلت المشروع الأوحد للإسلام السياسي والدولة الدينية في العالم العربي، وأتت بعقل سياسي مغاير لما كان سائداً وأفضنا في سماته في الحلقة السابقة.

والعقل السياسي الخاص بالثورة مؤاشراته تقول إنه لم ينتج  وعيه داخل المواعين والمؤسسات التقليدية، بل تشكل في الشارع، عبر الاحتجاج واللجان، والشعارات وتفاعلات يومية بين الناس منذ أمد بعيد في حكم الإنقاذ، ووضح ذلك في هبة 2013.

وامتاز هذا العقل بملامح تختلف كثيرًا لما سبقه من سمات للعقل السياسي، ولنا أن نحدد هذه المزايا كأدناه: 

  هذه اللغة لم تكتب في بيانات حزبية أو نقابية، بل صيغت في الشارع من وجدان جمعي مباشر.

وهذا يعبر عن تحول من الخطابة التقليدية إلي العقل التشاركي الحواري، وهنا نستدعي متلازمة الشباب الذي ظل استخدامها يعكس تيرم من استطالات الخطابة (جيب الزيت).

  ولكن يمكن له أن يتحول إلي رفض عام لكل تنظيم سياسي لأن الرفض لم يطالب بإصلاح مؤسسي للحياة السياسية، وهذا قطعاً يعيق البناء السياسي لاحقاً. 

    لم تتبنَ الثورة مشروعاً أيديولوجياً أحاديًا إن كان يسارياً أو يمينياً، لكنها تبنت قيماً واضحة، العدالة، السلام، المشاركة، احترام الكرامة، والمحاسبة.. إلخ.

وهذا يفتح الباب لعقل سياسي مرن غير مصمت وغير مأزوم بصراعات الأيديولوجيا السياسية المغلقة.

مؤكد أن مزايا عقل الثورة التي حاولنا حصرها لم تكن وليدة لحظه انفجار الثورة، وظلت تسكن أذهان الثوار منذ هبة سبتمبر2013م ، وظل التداول حولها مستفيدين من المعرفة الثورية المستحدثة الموجودة في الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الإجتماعي.

 نخلص في هذه الحلقة، بأن العقل السياسي الذي تشكل بعد ثورة ديسمبر ذو مزايا إيجابية عديدة، وأن تشكله لم يصل إلى غاياته لأنه يحتاج إلى وقت ومراكمة ووقفات هنا وهناك حتي يصبح عقلاً حاكماً لا فقط محتجاً. 

ويمكن أن نتساءل، هل سينجح عقل الثورة هذا في تأسيس دولة جديدة؟ رغم انقطاعة الحرب، أم سيتم احتواؤه، أو تحويله إلى طامة غاضبة بلا مشروع.

  ونواصل في الحلقة القادمة لندفع بعقل الحرب، وإلي أين يقود السودان المنهك أصلاً.

Exit mobile version