“سيروتونين” فيلم سوداني عن العزلة والحياة للمخرج شهاب ساتي
يشكل فيلم “سيروتونين” تجربة سينمائية سودانية مميزة، أخرجها الشاب شهاب ساتي، وتُوّجت بجائزة الفيل الأسود في مهرجان السينما المستقلة عام 2018، وشاركت في عدة مهرجانات محلية ودولية بينها مهرجان الأقصر بمصر.
الفيلم، الذي ينتمي للسينما التجريبية، خالٍ من الحوار ويعتمد على الصورة والألوان، لا سيما الأبيض والأسود، للتعبير عن العزلة والوحدة، ويعد أول أفلام المخرج، وقد اختار له اسم “سيروتونين” تيمّنًا بالناقل العصبي المرتبط بالمزاج والسعادة، كتشبيه لحالة الشخصيات في العمل.
المخرج شهاب ساتي الذي يحمل خلفية أكاديمية في الوسائط المتعددة والإعلام، يعتبر السينما المستقلة مساحة حرّة تتيح للمخرجين سرد قصصهم بعيدًا عن قيود الإنتاج التجاري،ويؤمن بأن لكل مخرج أسلوبه الخاص، ويصف أفلامه بأنها نتاج تراكم بصري وسمعي وشخصي.
يُعد الفيلم تجربة أولى للمخرج، لكنها جاءت ناضجة، حاملة لأسئلة داخلية وهواجس إنسانية، عُرضت من خلال كادرات ملوّنة بالحزن، ولقطات تسبح في الأبيض والأسود.
=======
سينما:
“سيروتونين” فيلم سوداني عن العزلة والحياة للمخرج شهاب ساتي
محمد إسماعيل- أفق جديد
شهدت الفترة الأخيرة رواجًا كبيرًا لأفلام سينمائية قدمها مخرجون سودانيون من أجيال الشباب، ووجدت تلك الأفلام تقديرًا عالميًا، وحققت قفزات نوعية على الصعيد الدولي، إذ يتجلى فيها التركيز على الكيف والجودة مقابل الكم والعدد.
شهاب ساتي من الشباب الموهوبين الشغوفين بالعمل السينمائي، إذ ظل يعمل عليه من خلال إنتاج الأفلام وتقديم الورش. حاز فيلمه “سيروتونين” على جائزة الفيل الأسود لمهرجان السينما المستقلة في العام 2018، بالإضافة لمشاركته في العديد من المهرجانات والفعاليات الداخلية والخارجية منها مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في مصر، كما توفرت له فرص للعرض في برلين.
شهد اتحاد تجمع الفنانين السودانيين بمصر في وسط البلد مساء الأحد الماضي حضوراً لافتًا للسودانيين المقيمين بالقاهرة لمشاهده عرض فيلم “سيروتونين”، وعقب انتهاء العرض أقيمت جلسة نقاش بحضور المخرج، أدارها الفنان التشكيلي والمصور الفوتوغرافي سارى أحمد، وتم خلالها حوار مفتوح مع المخرج من قبل الجمهور .
وفيما يتعلق باختيار اسم الفيلم قال ساتي: سيروتونين، هي مادة كيميائية طبيعية (ناقل عصبي) تلعب دورًا هامًا في تنظيم المزاج، ويُعرف أيضًا باسم “هرمون السعادة” لأنه يسهم في الشعور بالسعادة، وأثناء عملي على فيلمي كنت كثير القراءة في علوم مختلفة لتحضير وكتابة الفيلم، إلى إن توصلت لهذا الاسم، ووجدته الأنسب للفيلم وحالته وعوالم شخصياته .وأضاف أن هذا الفيلم يعتبر فيلمه الأول، وتم عرضه في بداية العام 2018.
وأشار فى حديثه إلى مجاله الأكاديمي، فهو حاصل على البكالريوس في الوسائط المتعددة وعلى الدبلوم العالي في الدراسات العليا في الإعلام، بالإضافة لممارسته فن السينما، ثم تلقى كورسات مختلفة من مؤسسات داخل وخارج السودان، ويعتبر أن جزءًا من عمله هو نقل المعرفة من خلال تدريب الشباب على صناعة الأفلام .
وقال المخرج شهاب إنه مشاهد جيد ومحب للسينما عمومًا، ولا يفضل نوعًا على آخر، لكنه يميل إلى السينما التأملية أو السينما الشاعرية. وأرجع ذلك إلى نتاج تراكمه المعرفي والبصري والسمعي.
وتابع: ما نصنعه هو حصيلة تجاربنا ومشاهداتنا وقراءاتنا، وبأفلامي أصنع طريقي ونهجي الخاص، لا أقصد أو أتعمد ذلك، ولكن في نهاية الأمر، ما يميز مخرج عن آخر هو أسلوبه، وأعتقد أن لدي أسلوبي ورؤيتي .
وتحدث ساتي عن علاقة الألوان بصناعة الصورة قائلًا: هي جزء من أدواتي كمخرج وهي جزء من الصورة. ركزت في بعض المشاهد على اللونين الأبيض والأسود، وقصدت من ذلك دلالات لخدمة سياق الفيلم. واعتبر الألوان في الفيلم عنصرًا رئيسيًا، وعلى هذا الأساس وظفها لترجمة الحالة العامة .
وحول الاستغناء عن لغة الحوار في الفيلم قال: ما تم عرضه الآن يعتبر فيلمًا تجريبيًا، وهو تصنيف فني معروف، وهنالك نظريات مختلفة في السينما، ولكن ما هو متعارف عليه بكل تأكيد أن للسينما لغتها الخاصة، والصورة والحوار بالنسبة لي تم استخدامها بالشكل المناسب .
وعن مصطلح سينما مستقلة أفاد بقوله: يختلف المخرجون حول فكرة السينما المستقلة، البعض يرى أنه ليس هنالك صناعة سينما أصلًا لكي تستقل منها، لكن بشكل شخصي أرى أن السينما المستقلة هي اتجاه مهم، أتاحت لنا المساحة في صناعة أفلامنا وقصصنا وعوالمنا بعيدًا عن مفاهيم السينما التجارية أو السينما ببنائها التقليدي المتعارف عليه.
وواصل قائلًا: السينما المستقلة هي تسمية أو تعريف للأفلام السينمائية التي يتم إنتاجها خارج منظومة الأستوديوهات وشركات الإنتاج والتوزيع الكبرى، التي تتحكم في هذه الصناعة. تميزت السينما المستقلة في البداية بخروجها عن الخط التجاري الاستهلاكي، كما تميزت بتقديمها محتوى إبداعيًا أكثر حرية ورقيًا، وغالبًا ما تكون معبرة بقوة عن آراء المخرجين.
وتحدث المخرج الشاب شهاب عن رحلته في إخراج فيلم “سيروتونين”، وقال إنه حلم تحقق بعد سنوات من العمل. مضيفًا أن “سيروتونين” مشروع عكس ما مر به من وحدة وعزلة. أما عن عملية كتابة السيناريو فقال عنها أنها كانت بطيئة لكنه جمعها فى خط رئيسي مع الانتقال بين الفلاش باك وتكثيف حالة الوهم والحقيقة.
ولفت إلى أنه متأثر بالسينما المصرية، لاسيما سينما داؤود عبد السيد، وشادي عبدالسلام، ومحمد خان. وقال: هؤلاء شكلوا تيارًا واقعيًا مختلفًا.
كلمة أخيرة :
واختتم شهاب ساتي حديثه بأنه سعيد بهذا الحوار مع الجمهور، كما شكر كل الحاضرين، وقال: فيلم “سيروتونين” هو التجربة الأقرب إلى مشاريعي السينمائية. هنالك مشاريع قادمة أعمل عليها بإذن الله.
وأضاف: أنا حريص كل الحرص على أن يصل فيلم “سيروتونين” إلى جمهور أوسع عبر مناطق مختلفة من العالم. وأتقدم بالشكر لتجمع الفنانين السودانيين، ومن نظم هذا الحدث.