من على الشرفة
طاهر المعتصم
على مقربة من بورتسودان، ما بين مدينتي هيا وعطبرة لقي 50 من عمال التعدين الأهلي مصرعهم، إثر انهيار صخري في منجم يعملون به، فشلت كل المجهودات في إنقاذهم، تغمدهم الله بواسع رحمته. في الجانب الآخر، وزارة المعادن المسؤولة عن النشاط التعديني، محل صراع بين الموقعين على اتفاق جوبا، في أخطر تصاعد للخلافات من أجل المناصب الوزارية التي تدر كمًا وفيرًا من المال.
والغائبة الحاضرة هي المحكمة الدستورية المغيبة، التي يفترض أن تفسر الاتفاقات الدستورية، فتتصاعد لغة الكلام، وترتفع التهديدات، وتنطلق التصريحات عن تكوين مليشيات جديدة في دولة مجاورة، بحثًا عن مجد البندقية.
في مشهد آخر ينقله شهود عيان، يحتدم صراع الأخوة في جماعة الحركة الإسلامية، مجموعة علي كرتي وأحمد هارون، ضد إبراهيم محمود ونافع، في تنويرات داخلية تظهر ملامح معركة كسر العظم، ولإخوان الأمس تجربة خلال حكمهم للسودان، في المفاصلة في العام 1999، لا يستغرب المراقب في ما يحدث بينهم الآن، غير غياب لمسات مذكرة العشرة ودينونة السلطة كاملة لهم وقتها.
ولا تكتمل المشاهد المخيفة في بلاد العجائب، إلا بتحريض تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي من إخوة الأمس، ضد أخيهم السابق كمال عمر المحامي القيادي بالمؤتمر الشعبي، ليس لسبب إلا تباين الرؤى حول الحرب السودانية التي دخلت عامها الثالث.
رئيس الوزراء المعين بعد اكتمال الشهر الأول لتسميته، وإعلانه عن حكومة مدنية، وجد نفسه في أتون صراعات الشركاء والحلفاء، في اتفاق جوبا، بعضهم يقول لم نشاور في تعيينه، وبعضهم يلوي عنق النصوص الواردة في الاتفاقات المنتهي أمدها الأول، ليضمن نفس المناصب التنفيذية السابقة، عبر ممارسة الضغط الذي يصل مرحلة الابتزاز، والإعلام الموجه جزء من هذا الصراع، ويغيب الإعلام المهني، عبر تقييد حركة القنوات الفضائية في بورتسودان، ليفقد رئيس الوزراء ميزة تفضيلية وأنوارًا كاشفة.
وقد حسمت الوساطة الجنوب سودانية الجدل حول توزيع أنصبة السلطة باتفاق “جوبا”. حيث أكد ضيو مطوك نائب رئيس الوساطة الجنوب سودانية في تصريحات لـ(الشروق) أن الاتفاق يمنح جميع أطرافه حق المشاركة في نسبة ٢٥ %.
وسط هذه العتمة انطلقت الأحد 19 يونيو 2025، امتحانات الشهادة السودانية، في السودان ومصر وتشاد. عشرات الآلاف من الطالبات والطلاب أدوا امتحاناتهم، وسط دعوات وترقب أولياء الأمور، رغم الأسف على حرمان آخرين بسبب الحرب، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
والخبر الثاني إعلان هدنه لمدة أسبوع في الفاشر عاصمة شمال دارفور المحاصرة من قبل الدعم السريع، حتى أكل بعضهم صفق الشجر، نجحت اتصالات الأمين العام للأمم المتحدة في إنفاذ الهدنة، وانتشرت مشاهد لدخول شاحنات صندوق الغذاء العالمي.
على عسكري مجلس السيادة الانتقالي ورئيس الوزراء، معالجة مشكلات اتفاق جوبا بحكمة تحفظ وحدة السودان، وتمنع الاصطفاف الجهوي، وإطلاق برنامج مصالحه وطنية، تحفظ نسيج البلاد الاجتماعي، وتوسعة الفضاء المدني، فحديث وزير الخارجية الأمريكي في توقيع اتفاق سلام الكونغو وروندا، عن أن القادم هو السودان، يستوجب الإمساك بزمام المبادرة.