حكومة.. الانقلاب الأولى!
وائل محجوب
- أثارت تعيينات الوزراء الثلاثة التي أعلن عنها عاصفة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين قادح ومادح، والقضية الأساسية لم يتبينها الناس في هذه الوضعية، وهي أن هذه الحكومة القادمة، تتأسس على وضع يفتقر للشرعية، فهي امتداد لما ترتب على انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، وهي أول حكومة تُشكّل منذ ذلك الانقلاب.
- والهدف من ورائها ليس وقف الحرب المدمرة التي تشهدها البلاد، وإنما محاولة لإحداث اختراق في العلاقات الخارجية، واستعادة السودان لعضويته المجمدة في الاتحاد الأفريقي، بتشكيل سلطة مدنية تم تفكيك أي مجال يمنحها القدرة على تغيير الواقع، بعدما تم تجيير كافة السلطات لمجلس السيادة ورئيسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان من خلال تعديلات الوثيقة الدستورية، التي تمت قبل أشهر.
- هذه الوضعية تفسر هروب رئيس الوزراء المعين من الحديث حول الحرب، وتأثيراتها المدمرة على البنيات التحتية وملايين المدنيين المتضررين من استمرارها، وتبنيه الواضح لخطاب معسكر استمرار الحرب.
- لقد قادت هذه الحرب لتخريب وتدمير واسع النطاق طال مؤسسات الدولة، وبنياتها التحتية في قطاعات الكهرباء والمياه والصناعة، وتم إفقار ملايين السودانيين عبر أكبر عملية نهب في تاريخ السودان الحديث، حيث فقد الناس ممتلكاتهم الخاصة، ومدخراتهم، وذهب نسائهم، وهذه قضية لا يتم الحديث عنها ولا عن التعويضات التي ستقدم للمواطنين، حتى يستطيعوا النهوض من جديد، بينما تطالبهم مختلف الجهات بالعودة للمدن المحررة، التي ما تزال تفتقد أساسيات الحياة، وفي ظل انفراط أمني بسبب تعدد المليشيات، وانهيار البيئة، وانهيار القطاع الصحي.
- هذه التعقيدات لن تستطيع هذه الحكومة مغالبتها دون دعم إقليمي ودولي، وهو أمل بعيد في ظل استمرار الحرب، وتعقيدات قضية الشرعية التي تحاصر الحكومة المنتظرة.
- وليست هذه هي التعقيدات الوحيدة، فحلفاء القوات المسلحة في الحرب، وعلى رأسهم الحركات الموقعة على سلام جوبا تستعصم بوزاراتها الحالية، ولا تريد لها بديلًا، مع أطماع جهات غيرها من شركاء معركة الكرامة لاقتطاع جزء من كيكة الحكم.
- والتعقيد الأكبر يتمثل في مساعي تأسيس الحكومة الموازية التي ينشط فيها معسكر الدعم السريع وحلفائه، ومساعي توسيع نطاق الحرب، في مختلف المسارات، والتهديد المستمر الذي تمثله المسيرات لاستقرار مختلف المناطق.
- كل هذه التحديات تقول إن الحكومة القادمة مقيدة الصلاحيات والسلطات، ستواجه واقعًا شديد التعقيد، وستفتقر لأهم عوامل النجاح، ولن تحل معضلة الانقلاب والشرعية، كما أنها بطبيعة الحال لن تحل مشكلة ملايين السودانيين في مناطق النزوح المختلفة، والملاجئ.