“لسنا وحدنا”.. لحظة إنسانية تخترق صخب الملاعب

نيو أورليانز – أفق جديد

في لحظة غير متوقعة، خطف ذو القرنين كوامي نانتامبو، البالغ من العمر 41 عامًا من مدينة نيو أورلينز، الأضواء من واحد من أضخم العروض التلفزيونية في العالم – عرض ما بين الشوطين في مباراة سوبر بول LIX – عندما رفع علمًا يحمل عبارة “السودان وغزة الحرة” وسط أداء مغني الراب الأمريكي كندريك لامار، ليحوّل الملعب إلى منصة تضامن مع قضيتين من أكثر القضايا الإنسانية تعقيدًا في العالم.
ورغم حصول نانتامبو على إذن رسمي بالتواجد ضمن فريق الأداء في “Caesars Superdome”، إلا أن شرطة ولاية لويزيانا أعلنت لاحقًا أنه “انحرف عن الدور المخصص له” بعد أن قفز فوق سيارة ضمن عناصر العرض ولوّح بالعلمين السوداني والفلسطيني، قبل أن يركض عبر الملعب ويتم توقيفه من قِبل رجال الأمن ببدلات رسمية.
ورغم أن شرطة نيو أورلينز لم توجه له تهمًا في البداية، أعلنت شرطة ولاية لويزيانا لاحقًا توجيه تهمتي مقاومة ضابط وإخلال بالنظام العام، بعد أن سلّم نفسه طوعًا في وقت لاحق، ليتم احتجازه في مركز العدالة بأبرشية أورليانز.

“أردت أن يعرفوا أننا نراهم”
في حديثه لصحيفة العربي الجديد (النسخة الإنجليزية) ، أوضح ذو القرنين دوافعه، قائلًا:
“أردتُ أن أعطي رسالة مفادها أن الفلسطينيين والسودانيين مرئيون، وأننا نتضامن معهم على أعلى المنصات”.
وأضاف: “ما فعلته كان بدافع الحب، والتعبير، والتضامن، لا من أجل الفوضى أو التحدي. كانت رسالتي بسيطة: نحن واحد”.
ينتمي ذو القرنين لمجتمع متنوع في نيو أورلينز، وتربطه علاقات وثيقة بالجاليتين الفلسطينية والسودانية. وقد أشار إلى أن روايات الأصدقاء والمعارف حول المعاناة في غزة ودارفور أثّرت فيه بشدة، ودفعته إلى القيام بهذه الخطوة الرمزية.
لم تكن المظاهرة مرتجلة. فقد صمّم ذو القرنين اللافتة بنفسه، وتدرّب لأسبوعين على إخفائها وإخراجها في الوقت المناسب، مع حرصه على ألا يُعطّل العرض أو يُلحق الضرر بأداء كندريك لامار.
يقول: “أردتُ أن يبدو الأمر جزءًا من العرض… ويضيف بابتسامة: “ندمي الوحيد؟ ليتني ركضتُ أطول قليلًا”.
رابطة دوري كرة القدم الأمريكية (NFL) سارعت إلى إدانة الحادث، ووصفت محاولة المقاطعة بأنها “انتهاك خطير”، وأعلنت منع نانتامبو من حضور أي فعاليات مستقبلية للدوري مدى الحياة، رغم عدم تأكيد المتظاهر تلقيه أي إخطار رسمي بذلك.
وأكدت الشرطة أن نانتامبو تجاوز منطقة أمنية حساسة خلال العرض، ما جعل الواقعة تأخذ طابعًا أكثر جدية. وأثنت الـNFL على “احترافية” قوات الشرطة، متعهدة بمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
وبينما أثارت الواقعة جدلًا بين مؤيدين اعتبروها لفتة شجاعة، وآخرين رأوا فيها خرقًا للأمن والنظام، يواصل ذو القرنين الدفاع عن موقفه.
فهو الآن يستخدم منصته الشخصية ومبيعات المنتجات الفنية التي يصممها لتمويل مشاريع خيرية في غزة ودارفور، من بينها شراء شاحنات مياه، توزيع مواد غذائية، وإرسال خيام للنازحين.

وختم نانتامبو حديثه قائلًا:
“ربما خرجتُ من الملعب، لكنني دخلتُ قلوب كثيرين. من كان بحاجة لرؤية هذه الرسالة، رآها. وهذا يكفيني.”

 

Exit mobile version