القاهرة – أفق جديد
في خطوة ضمن مسار التواصل السياسي وتوسيع دائرة الحوار، عقد التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) لقاءً نوعيًا في العاصمة المصرية القاهرة يوم السبت 12 يوليو 2025، جمع بين قيادات من التحالف ومجموعة واسعة من الشخصيات الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، وناشطين مستقلين. اللقاء يأتي في إطار سلسلة من الفعاليات التشاورية التي ينظمها التحالف لعرض رؤيته السياسية وتطويرها، وسط مناخ سوداني مشحون بالتحديات وغياب الأفق.
اللقاء الذي احتضنته القاهرة لم يكن معزولًا عن سياق أوسع من التحركات السياسية التي يقودها تحالف “صمود”، بل يمثل محطة من سلسلة لقاءات انتظمت عدة عواصم إقليمية خلال الأسابيع الماضية. فقد شهدت مدينتا نيروبي وكمبالا لقاءات مماثلة جمعت بين قيادات التحالف ونشطاء سودانيين من مختلف الخلفيات، في مسعى للتواصل المباشر وفتح قنوات التشاور حول الرؤية السياسية التي يطرحها التحالف، إلى جانب الاستماع للنقد والتصورات البديلة التي تُسهم في بلورة مشروع سياسي جامع.
ويعتزم التحالف، بحسب مصادره، توسيع هذه اللقاءات لتشمل عددًا من العواصم التي تتيح قوانينها حرية التنظيم والتجمع، في ظل القيود التي تفرضها بعض الدول على نشاط السودانيين السياسي، خصوصًا في ظل الحرب المستعرة داخل البلاد. كما أفادت مصادر مطلعة بتنظيم لقاءات محدودة داخل السودان جرت وسط تكتم شديد لأسباب أمنية، شارك فيها ناشطون وقادة رأي من مناطق متفرقة، ناقشوا ذات الرؤية ومحاورها، وهو ما يشير إلى رغبة التحالف في كسر العزلة السياسية والتمدد نحو الداخل رغم المخاطر.
خلال اللقاء في القاهرة، دار نقاش مفتوح بين الحاضرين وقيادات التحالف، تناول الرؤية السياسية التي سبق أن أعلنها “صمود”، حيث أبدى عدد من المتداخلين ملاحظات نقدية لافتة بشأن غياب بعض المضامين الحيوية عن الوثيقة، وعلى رأسها القضايا الاقتصادية، وتحديات إعادة الإعمار، إلى جانب غياب خطة تنفيذية واضحة تترجم الرؤية إلى برنامج عمل فعلي يمكن البناء عليه.
كما أشار بعض المتحدثين إلى ما وصفوه بـ”ضعف الأداء الإعلامي” للتحالف، ما أتاح الفرصة لحملات تشويه متعمدة ومنهجية أسهمت في رسم صورة ضبابية عن “صمود” لدى قطاعات من الرأي العام، على الرغم من كونه أكبر تحالف مدني مناهض للحرب.
وشدد الحضور على أهمية الانفتاح على أوسع طيف من السودانيين والسودانيات، داخل السودان وخارجه، وتوسيع دوائر النقاش حول المواقف السياسية والرؤية المطروحة، بما يضمن شراكة حقيقية بين القيادة السياسية والجمهور المدني.
واعتبر عدد من المشاركين أن “صمود” يمتلك فرصة حقيقية للعب دور محوري في صياغة مخرج وطني من الأزمة الراهنة، شريطة التواضع السياسي والتجديد في أدوات الخطاب والعمل التنظيمي.
من جانبها، أكدت قيادات التحالف على أهمية هذه اللقاءات التشاورية، التي تهدف في المقام الأول إلى عرض الرؤية ثم الاستماع لردود الأفعال حولها، للاستفادة من الآراء المختلفة في تطوير الوثيقة السياسية وتحسين مضمونها.
وأعادت قيادة “صمود” التأكيد على موقفها الثابت كتحالف مدني ديمقراطي لا ينحاز لأي من طرفي الحرب، بل يعمل على إيقافها عبر طريق سلمي شامل، وصولًا إلى بناء نظام مدني ديمقراطي مستدام يحقق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة ويضع حدًا لمسلسل الانهيار الوطني.
وفي ختام اللقاء، أعلنت لجنة الإعلام التابعة للتحالف أنها ستنشر ملخصًا شاملًا للنقاشات والمداخلات التي شهدها الاجتماع، احترامًا لمبدأ الشفافية وحرصًا على تمليك الرأي العام مضامين الحوار.
وأكدت أن اللقاء ليس نهاية سلسلة التشاور، بل جزءًا من عملية متواصلة لتعزيز الموقف المدني، وتجذير رؤية السلام والتحول الديمقراطي في مواجهة الحرب والانقسام والانهيار.