من على الشرفة
طاهر المعتصم
طيلة عهود ما بعد الاستعمار في السودان، لم يحدث منع مواطن من استخراج وثائقه الثبوتية، إلا عقب انقلاب البشير والإخوان المسلمين في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م، وإن تراجع النظام بعدها عن هذه المخالفة الدستورية.
بعيد اندلاع حرب الخرطوم في ١٥ أبريل ٢٠٢٣م، عادوا لنفس الممارسة ضد خصومهم السياسين، فخرجت النشرات الحمراء، والإعلام التلفزيوني يذيع أسماء من وجه لهم الاتهام، وزادوا كيل بعير بحظر استخراج جوازات السفر للخصوم السياسين.
وكان من المعتاد في التغيرات السياسية القسرية، استخدام قوائم الهجرة والسيطرة في التضييق على المعارضين، لكن منع استخراج جوازات سفر أو وثائق ثبوتية، لم يحدث إلا قبل ٣٥ عامًا في خيوط الظلام، كما أطلق الكاتب الدكتور المحبوب عبدالسلام على كتابه (دائرة الضوء وخيوط الظلام – العشرية الأولى للإنقاذ) الذي تناول فيه الاستيلاء على الدولة السودانية من قبل جماعة الإخوان المسلمين.
في مارس الماضي فطن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، لهذه المخالفة ووجه وزير الداخلية المكلف السابق لمعالجة الأمر، الوزير قام بتعديل لائحة الهجرة والتحكم في الحادي عشر من مارس الماضي، وقد نصت على (أن لا يترتب على الحظر، الحرمان من استصدار جوازات السفر).
هذا التوجيه والتعديل الذي تم وصدر بناء عليه، توقف ولم يتحرك قيد أنملة، دع عنك إظهار أن هناك جهة أو دولة عميقة، يمكنها تعطيل توجيهات رئيس مجلس السيادة الانتقالي أو وزير الداخلية المكلف، بل ما يحدث لمن حرموا من إصدار جوازات السفر، وأعرف أحدهم لم يستطيع أن يواري جثمان والده الثرى، وغيرها من القصص الإنسانية، ضمن قوائم الحرمان من إصدار الجوازات حوالى أربعة من الصحفيات والصحفيين، رفضوا كل محاولات منحهم جوازات سفر أجنبية، متمسكين بوطنهم رغم أنف من يحاول أن يلقي بهم في قيود الهجرة.
بعيد أربعة أشهر وعشرة أيام، على التوجيه الصادر من الفريق الأول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وتعديل اللائحة من قبل وزير الداخلية المكلف السابق خليل باشا سيرين، وبعد تعيين دكتور كامل إدريس رئيس وزراء، وهو قانوني في الأساس بل استاذ قانون، وتسمية ضابط شرطة رفيع وزيرًا للداخلية ليس (مكلف)، ما الذي يمنع تنفيذ توجيه رئيس مجلس السيادة الانتقالي؟ يا رئيس الوزراء ووزير الداخلية، انفضوا الغبار عن القرار، وانزلوا اللائحة موضع التنفيذ، أو اعتذرا لمن أصدر التوجيه عن عدم مقدرتكم، وتغول مجموعة من خلف ستار لإجهاض توجيهات رسمية.
آخر قولي إن (السلطة ضل ضحى)، ويذهب الجميع ويبقى الوطن، وأن محاولات اختزال أدوات الدولة في خصومات سياسية أمر مؤسف، وإفشال توجيهات رئيس مجلس السيادة الانتقالي أمر غير مسبوق، فهل يقوم رئيس مجلس السيادة الانتقالي ورئيس الوزراء بمعالجة حرمان مواطنين سودانيين من حقوقهم الأساسية، وإعلان تنفيذ قرار عدم الحرمان من استصدار جوازات السفر، خصوصًا ونحن نرى تكفل رئيس مجلس السيادة بعلاج الزميل أشرف عبدالعزيز رئيس تحرير صحيفة الجريدة، بحسب ما أعلن نائب الملحق العسكري في سفارة السودان بالقاهرة، أأمل أن نسمع في القريب العاجل، فك ارتباط الدولة من أصحاب الأجندة السياسية، وأن يتصل السفراء بالذين جرى حرمانهم من جوازات السفر، ويقوموا باستصدارها لهم.
في عهد الراحل الملك حسين، قاد سيارته إلى بوابة السجن، وأمر بإطلاق سراح المعارض الأردني، واسطصحبه في سيارته إلى داره .