الدروشاب تحت نيران تحت نيران الفوضى 

الخرطوم – أفق جديد

 

شهدت منطقة الدروشاب شمال، التابعة لمحلية بحري، ليلة دامية تحولت فيها شوارع الحي إلى ساحة اشتباك مسلح بين مجموعة من أفراد قيل إنهم ينتمون لما يسمى بالقوات المشتركة، من جهة، وسكان الحي المستنفرين، من جهة أخرى، في مشهد يعكس حالة الانفلات الأمني المتزايد في أحياء العاصمة المثلثة.

وبحسب روايات شهود عيان وسكان محليين تحدثوا لـ”أفق جديد”، فقد بدأت الأحداث في وقت متأخر من مساء أول أمس، حينما تحركت مجموعة كبيرة من القوات المشتركة على متن عدد من “الركشات”، مدججين بالأسلحة الخفيفة وكمية كبيرة من الذخائر، نحو محطة خمسة في منطقة الدروشاب شمال.

وبحسب المصادر، فإن المجموعة اقتحمت عددًا من منازل المواطنين، وشرعت في عمليات نهب تحت تهديد السلاح، مصحوبة بإطلاق نار كثيف لبث الرعب وسط السكان.

لكن ما لم يكن في حسبان المهاجمين أن أبناء الحي، ومعظمهم من المستنفرين وبعضهم جنود في الجيش، كانوا على أهبة الاستعداد. ليتحول الحي فجأة إلى مسرح لمواجهات عنيفة استمرت لنحو أربع ساعات متواصلة، سُمعت خلالها أصوات الاشتباكات في مناطق بعيدة، بما في ذلك ثكنات الجيش في الكدرو وأجزاء من مدينة أم درمان.

ورغم خطورة الموقف، أكد عدد من الأهالي أنهم حاولوا مرارًا التواصل مع الأجهزة الأمنية، بما في ذلك الاستخبارات العسكرية، غير أن استغاثاتهم لم تجد أي استجابة. “اتصلنا بكل الجهات الممكنة، ولم يتحرك أحد”، يقول أحد السكان، مضيفًا أن تأخر التدخل ساهم في إطالة أمد المواجهات وسقوط عدد من المصابين في صفوف الطرفين، إلى جانب تعرض بعض المدنيين للإصابة أيضًا.

وفي نهاية المطاف، انسحب أفراد القوات المشتركة بعد تكبّدهم خسائر، دون أن تُعرف الجهة الرسمية التي يتبعون لها، في ظل حالة من التسيّب وانتشار السلاح، تغذيها جهات ذات صلة ببعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، بحسب ما أفاد به مصدر عسكري محلي.

 غياب الدولة وتعاظم الخطر

 الحادثة سلطت الضوء على هشاشة الوضع الأمني في العاصمة، لا سيما في المناطق الطرفية مثل الكدرو والدروشاب والسامراب، التي باتت مسرحًا لتحركات مجموعات مسلحة تمارس النهب في وضح النهار، وتتحرك في مجموعات منظمة دون رادع.

ويصف أحد سكان الحي المشهد بقوله: “ما حدث في الدروشاب ليس مجرد مشاجرة، بل كان معركة حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والكارثة أن الدولة كانت غائبة تمامًا”.

 اتهامات للقيادة العسكرية

 في ختام الأحداث، حمل المواطنون مسؤولية ما جرى لقيادة الجيش والأجهزة الأمنية والاستخبارات، معتبرين أن الصمت حيال الانفلات المتصاعد يرقى إلى مرتبة التواطؤ، أو على الأقل الفشل في أداء الواجب.

“كيف نأمن على أنفسنا إذا كانت هذه الفوضى تأتي من عساكر تابعين لهم؟”، يتساءل أحد المستنفرين، مشيرًا إلى أن عودة الأمن إلى مناطق شمال بحري باتت رهينة بقرار حاسم من الدولة، وإرادة سياسية تضع حدًا لتغوّل المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى