“صقور الجديان” في تحدٍ قاري جديد

 

أفق جديد 

في وقتٍ تمر فيه البلاد بأوضاع سياسية وإنسانية معقّدة، يتشبث السودانيون بكرة القدم كنافذة أمل، ويضعون آمالهم في منتخب “صقور الجديان”، الذي يفتتح مشاركته في كأس أمم إفريقيا للمحليين (شان 2025) بمواجهة قوية أمام منتخب الكونغو، مساء الثلاثاء 5 أغسطس، ضمن منافسات المجموعة الرابعة التي توصف بأنها “مجموعة الموت”.

وتُعد هذه المشاركة الرابعة للسودان في البطولة، بعد أن سجل حضوره في نسخ 2011، 2018، و2022، ونجح مرتين في انتزاع المركز الثالث، في إنجازات لا تزال راسخة في ذاكرة عشاق الكرة السودانية. واليوم، يدخل منتخب المحليين المنافسات بطموح لا يقل عن الحلم بالوصول إلى منصة التتويج من جديد، رغم قسوة الواقع خارج المستطيل الأخضر.

يقود المنتخب المدرب الغاني المخضرم جيمس كواسي أبياه، الذي تولى المهمة في سبتمبر 2023، قادمًا بخبرة واسعة قادته سابقًا إلى نهائيات كأس العالم مع منتخب غانا، إضافة إلى تجربة مميزة مع نادي الخرطوم. أبياه، صاحب الـ64 عامًا، يسعى إلى نقل فلسفة متوازنة تجمع الانضباط البدني والمرونة التكتيكية، ويعتمد على مزيج من عناصر شابة وأسماء خبرت المنافسات الإفريقية.

لكن البداية لن تكون سهلة؛ فخصم السودان الأول، منتخب الكونغو، يمتاز بالقوة البدنية والانضباط الدفاعي، مما يجعل المواجهة بمثابة اختبار حقيقي لقدرات الجهاز الفني واللاعبين.

وسيتوجب على صقور الجديان خوض المباراة الأولى بدون النجم الأبرز محمد عبد الرحمن، والذي تعرض لإصابة خلال قمة الهلال والمريخ. ورغم محاولات الطاقم الطبي لتجهيزه للمباريات القادمة، فإن غيابه عن الجولة الافتتاحية يُعد ضربة موجعة، خصوصًا أنه هداف الدوري السوداني وقائد هجومي بارز في تأهل السودان إلى “الكان” و”الشان”.

وأعلن المدرب كواسي أبياه عن قائمة نهائية تضم 25 لاعباً لخوض غمار البطولة. وتبرز في القائمة هيمنة لاعبي قطبي الكرة السودانية، الهلال والمريخ، حيث تم اختيار 13 لاعباً من نادي الهلال، بطل الدوري السوداني، و9 لاعبين من غريمه التقليدي المريخ، مما يعكس اعتماد الجهاز الفني على الخبرة والانسجام بين اللاعبين.وتُظهر القائمة تنوّعًا بين الخبرة والمهارة، ما يمنح الجهاز الفني خيارات تكتيكية متعددة لمجابهة تنوع أساليب اللعب داخل المجموعة.

طريق السودان نحو النهائيات لم يكن مفروشًا بالورود. فبعد تجاوز تنزانيا بركلات الترجيح، اصطدم المنتخب بإثيوبيا وتفوق عليها بنتيجة إجمالية 4-1، في مباراتين احتضنتهما الخرطوم وبنغازي الليبية. وجاء هذا التأهل ليعيد شيئًا من البهجة لجمهور فقد الكثير في ظل الحرب الدائرة داخل البلاد.

مجموعة نارية 

يخوض منتخب السودان غمار البطولة ضمن واحدة من أصعب المجموعات، التي تضم السنغال (حامل اللقب)، نيجيريا، والكونغو. ورغم أن المجموعة تتألف من أربعة منتخبات فقط، إلا أنها تُعد من أكثر المجموعات صعوبة وتنافسًا، حيث تُعتبر كل مباراة فيها بمثابة “نهائي مبكر”، وأي تعثر قد يُقصي الفريق سريعًا. تدخل السنغال المنافسات بثقة البطل، وتتمتع نيجيريا بثقل فني وتاريخي، بينما تشتهر الكونغو بأسلوبها البدني القوي الذي يربك المنافسين. من جانبه، يدخل السودان بطولة “شان 2025” بعزيمة لا تلين، مستهدفًا عبور الدور الأول وتكرار إنجازي 2011 و2022، وربما تحقيق مفاجأة جديدة. وبفضل خبرة المدرب أبياه، وتألق العديد من المواهب المحلية، تتجه الأنظار نحو “صقور الجديان” في سعيهم للعودة إلى المجد القاري، وسط تعطّش شعبي لأي بصيص أمل في ظل الظروف الراهنة.