السودان.. حرب وحروب

في المكتبات

أفق جديد

د. صلاح عوض عمر 

 

لم ينعم السودان بـ”استراحة محارب” منذ انطلاق الرصاصة الأولى في توريت قبل إعلان الاستقلال، حتى ظلنا نتحسس ذواتنا وكأن الحرب من طبائعنا، والأنثروبولوجيا تذهب في بحثها عن خصائص الشخصية السودانية لتنفي ذلك، وتؤكد أن من أبرز صفاتنا السلام والوفاء.

ظل السودانيون يموّلون هذه الحروب على حساب معاشهم وتنميتهم وتطور وطنهم، إرضاء لكبرياء العقلية التي تربعت على الحكم برسم كامل في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م، داعية لمشروع حضاري، كما أسمته، لعموم السودان. لكن- سرعان ما انكشف مستوره من استبداد بالغ الذروة، وفساد غابر للولايات، وبطش بلا حدود، وإقصاء للمختلف السياسي والفكري، واستعلاء عرقي.

أي نصر هش يقود السودان تحت إمرة “زناد” آخر لن يعبر بنا إلى ضفة الديمقراطية والتنمية التي ننشدها ونشدو بها. إن انتصارنا يجب أن يكون ذا أفق جديد للسودان، عبر دولة تؤسَّس على أعمدة صلبة، منها الحكم الفيدرالي الذي يكفل لأقاليم السودان المختلفة أن تتعايش بعضها مع بعض على أساس المواطنة، ولا يُفرَّق بين شعوبه بامتياز العرق أو الديانة. كما أن حقوق الإنسان متأصلة في جميع البشر، أيًا كانت حيثياتهم أو معتقداتهم الدينية، أو اللغة التي يتخاطبون بها، وأيًا كانت جغرافيا إقامتهم وتاريخهم، أو في أي وضع حياتي كان. أفق جديد من خلال تمسكنا بأن الحرية تنمية. فالرهان التنموي ليس رهان تطوير مجتمع مثالي، أو رهان تطوير مجتمع استهلاك مفرط، بقدر ما هو رهان التقدم نحو مجتمع أكثر عدلًا.

. الطبعة الأولى:٢٠٢٥ القاهرة

Exit mobile version