بعد اجتماع البرهان وبولس السري.. الحرب الوحشية في السودان تحتاج إلى “أكثر من انتصارات ميدانية

بقلم : ليزا فابيان
عُقد اجتماع سري يوم الاثنين 11 أغسطس/آب في زيورخ بسويسرا، بين قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والمبعوث الأمريكي إلى أفريقيا، مسعد بولس. واستمر الاجتماع ثلاث ساعات. وركز الاجتماع على الخطة الأمريكية لوقف إطلاق نار شامل في السودان وإيصال المساعدات الإنسانية، لا سيما إلى مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، المحاصرة من قبل قوات الدعم السريع شبه العسكرية. ويتناول الباحث رولان مارشال في حديثه لـRFI موقف الدبلوماسية الأمريكية وهذه الجهود الجديدة الرامية إلى التفاوض على حل للأزمة السودانية.

RFI: ما الذي نعرفه عن خطة وقف إطلاق النار التي يُفترض أن الولايات المتحدة اقترحتها خلال هذا الاجتماع؟

أولاً، جرت المناقشات مع طرف واحد فقط من الطرفين، وهو الفريق أول برهان، قائد الجيش السوداني. ولا يُعرف ما إذا كانت هناك مناقشات أخرى تجري بالتوازي أو ستُجرى مع قوات الدعم السريع بقيادة الفريق حميدتي. ما نعتقد أننا نعرفه هو أن الدبلوماسية الأمريكية تسعى لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وأن هناك جهودًا ينبغي بذلها من كلا الجانبين. أي أن وصول المساعدات الإنسانية يُعيق من قِبل كلٍّ من قوات الدعم السريع والجيش السوداني. لذا، يجب إزالة سلسلة كاملة من العوائق شبه البيروقراطية للسماح بوصول المساعدات إلى وجهتها.

المشكلة الثانية، بطبيعة الحال، هي نوع وقف إطلاق النار والانتعاش السياسي الممكن تحقيقه. المعلومات المتوفرة لدينا اليوم عن الاجتماع لا تُلقي الضوء على هذا الأمر. نعلم أن الفريق أول البرهان سيدعو على الأرجح إلى استبعاد كامل لحركة التمرد، وربما محاكمة حميدتي وجميع المقربين منه. لكن من المؤكد أن الفريق أول البرهان سيتمكن، في مناقشات سرية، من رسم مسار لم يُسلك بعد.

ولماذا وافق على لقاء الأمريكيين هذه المرة؟ وهل يعود ذلك تحديدًا إلى التقدم الذي أحرزته القوات السودانية على الأرض؟

نعم ولا. نعم، من الواضح أن الحكومة السودانية لم تعد في موقف الضعف الذي كانت عليه قبل عام. ولكن من ناحية أخرى، هناك أيضًا انتقادات متزايدة للجنرال البرهان. هناك عقوبات بسبب استخدام الجيش السوداني، على ما يبدو، أسلحة كيميائية ضد السكان. ومن ناحية أخرى، أيضًا لأننا، على الأقل من الناحية العسكرية، ندرك تمامًا أن كلا الجانبين يشهدان تصعيدًا في استخدام التكنولوجيا، وأن الأمر يتطلب أكثر من مجرد التفوق العسكري لحل هذا الصراع.

وهناك أيضًا قلق، ربما يكون لدى الجنرال البرهان قلق بشأن قواته، وحقيقة أن السيطرة على الميليشيات لا تزال صعبة، وبالتالي قد يكون الوقت مناسبًا له لمحاولة تسجيل نقاط دبلوماسية من خلال تسليط الضوء على مقدار الأدلة ضد قوات الدعم السريع فيما يتعلق بقتل المدنيين والقتل الجماعي وما إلى ذلك.

ولكن أليس هناك بعض الإجراءات المضادة التي يمكن أن تُطلب من الجنرال البرهان، مثل رحيله أو تشكيل حكومة مدنية؟

لا نعرف تحديدًا الخبرة التي يدعيها المبعوث الأمريكي، مسعد بولس. لذا، لا نعرف إن كانت هذه مناقشات رفيعة المستوى، دون الخوض في التفاصيل، أم أن المبعوث الأمريكي الخاص لديه رؤية دقيقة للغاية للقوى الحالية، مع الأخذ في الاعتبار وجود قوى مدنية عارضت عمر البشير عام ٢٠١٩، وقوى مدنية أخرى تطمح للحكم والتغيير. لذا، فإن السؤال المطروح هو: هل سيكتفي الأمريكيون في النهاية بالمفاوضات مع الطرفين المسلحين، أم سيذهبون إلى أبعد من ذلك؟

حول نظام انتقالي مدني حقيقي يشمل أو لا يشمل شخصيات قريبة من الطرفين المتقاتلين اليوم.

ومن خلال هذه المناقشات، هل يمكننا أن نأمل في أن يتم توزيع المساعدات الإنسانية بشكل أفضل في السودان وبشكل أكثر تحديداً إلى الفاشر، عاصمة شمال دارفور؟

على الجانب الحكومي في السودان، تبدو الصورة أبسط بوجود سلطة واضحة وتسلسل قيادي، لكنها في الوقت نفسه أكثر تعقيدًا بسبب وجود جيشٍ رسمي إلى جانب ميليشيات تنتشر على الطرق وتمتلك نقاط تفتيش خاصة بها. إن الحصول على جميع التصاريح التي تحتاجها الأمم المتحدة لمغادرة بورتسودان ــ حيث تصل المساعدات الإنسانية ــ يُعد عملية مرهقة ومرعبة في آنٍ معًا، إذ يتعين إرسال المساعدات أولًا إلى مناطق تخضع لسيطرة الحكومة، ثم إلى مناطق أخرى تميل أكثر إلى قوات الدعم السريع، وهو ما يواجه في هذه الحالة برفض ومعارضة شديدة.

يمكن للمبعوث الأمريكي الخاص أن يبحث عن وسائل وحجج تدفع الفريق أول البرهان إلى إظهار قدر أكبر من الحزم وتفعيل مبدأ التسلسل القيادي، باعتباره يقدّم نفسه كـ”الحكومة”. غير أن الأمر يبدو أكثر تعقيدًا بالنسبة لقوات الدعم السريع، فبرغم وجود صورة شكلية لقيادة مركزية، إلا أن ضعف التسلسل القيادي يجعل الميليشيات على الأرض قادرة على إقامة نقاط تفتيش دون أي اعتبار للوثائق الرسمية، حتى وإن كانت ممهورة بتوقيع حميدتي أو شقيقه.

Exit mobile version