خراج الروح
من على الشرفة
طاهر معتصم
مسجل تنظيمات العمل (آمنة كبر)، في سعيها للمشي بـ”الإستيكة” على المكتسبات النقابية، أنكرت في تعميمها الأخير مصادقة السودان على اتفاقية حرية العمل النقابي، اتفاقية 87، وتدخلت في أمر التشكيلات النقابية، رغم أن مصادقة السودان على الاتفاقية تجعل أمر التدخلات الحكومية أمرًا غير مقبول، لكن ملامح نظام سابق تحاول أن تتشكل في السودان.
والغريب أن رئيس الوزراء قادم من جنيف في سويسرا التي تحتضن مقر منظمة العمل الدولية، بل عمل رئيسًا لمنظمة الملكية الفكرية، أي الدولة المستضيفة للمنظمة التي صادق السودان وانضم لاتفاقية حرية العمل النقابي بها، لو كان الفاعل الفريق إبراهيم جابر لوجدنا له العذر، فقد تسرب أنه من خلف السيدة كبر فيما تقوم به بعكس قادته ورفاقه.
غير بعيد عن جنيف السويسرية، في عاصمة الضباب لندن انطلقت يوم السبت الماضي تظاهرة مؤيدة للدعم السريع خاطبها فارس النور، ولا يزال أثر فأسه في رأس مواطني الخرطوم، وغيرها من مدن السودان، هجر أهلها قسرًا، ونهبت ممتلكاتهم، وارتكبت فيهم جرائم حرب.
الغريب أن مناصري بورتسودان، الذين حشدوا المتظاهرين من فرنسا إضافة لبعض المقيمين في بريطانيا، عندما جاءها الدكتور عبدالله حمدوك مخاطبًا أهلها قائلًا “لا للحرب”، لم يفتح الله على مناصري بورتسودان بحملة مضادة لمتظاهري الدعم السريع ولا شجب ولا تنديد، وفي ندوة حمدوك، استخدمت سياسية من حزب كبير يدها، رفضًا لـ”لا للحرب”، بينما آثرت الجلوس في شقتها، ومظاهرات الدعم السريع تسير قريبًا منها، ربما استجابت لحديث سناء حمد في قبول التفاوض مع الدعم السريع إن جنح للسلم، ورفض التفاوض مع القوى السياسية.
وإن كان جناح كرتي/هارون، لم ينزل حديث سناء حمد، منزل التنفيذ عندما دعوا للتفاوض مع مجموعة (محمود/نافع) في العاصمة القطرية الدوحة، كأنهم دقوا عطر منشم.
على نفس الصعيد ظهر متهم مطلوب للعدالة في بث مباشر على قناة الجزيرة الفضائية، يونس محمود صاحب الحديث الإذاعي في سنوات الانقلاب الأولى، لم يعلم المشاهد هل أعفى النائب العام المتهم من التهمة، ولماذا احتجزت السفارة السودانية في ليبيا المتهم (توباك)، وسفيرها مسوق مصطلح (البعاتي) في الفضائيات، وكيف أطلقت سراحه، وهل البعثات الدبلوماسية أضحت لديها سلطة الاحتجاز.
والملمح الأخير استهداف غرف الطوارئ، أصحاب التكايا والمطابخ المركزية وشبكات العمل الإنساني، في عموم السودان، وتسلط الحكومات لإبدالهم بمجموعة الإسناد التابعة للنظام السابق، كأن السودان لا يحتاج لجهود شبابه أجمعين للبناء والإعمار.
في تقديري إن ما يحدث هو سكرات ومنازعة القديم، والسودان مقبل على الخروج من عنق الزجاجة، على دقات الساعة السويسرية، وأهلنا لديهم مقولة (خراج الروح صعب)، لكن خلف كل ليل بهيم يطل فجر، ومن ظلام الحروب، سيندلع نور سلام.