هيام البشرى: لا شرعية لحكومات ما بعد الانقلاب
هيام البشرى: الحسم العسكري يقود إلى إبادة لا إلى سلام
أفق جديد
حرب السودان تمضي من سيء إلى أسوأ، وسيناريوهات المستقبل قاتمة في ظل تشكيل حكومتين موازيتين في بورتسودان ونيالا، مع استمرار تدفق الأسلحة الثقيلة والخفيفة إلى طرفي الحرب ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية.
وقالت هيام البشرى نائبة رئيس الهيئة القيادية للتحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” في مقابلة مع “أفق جديد”، إن تشكيل حكومتين يمثل خطرًا حقيقيًا ويعقد سبل الحل السلمي التفاوضي، وأن اللجوء إلى الحل العسكري لن يفضي إلى سلام حقيقي.
وأكدت البشرى أن عدم الرغبة في العودة إلى طاولة التفاوض يفاقم الكارثة الإنسانية وتعمل على تزايد معدلات النزوح والتشرد والتجويع.
*ما هي السيناريوهات المتوقعة والمخاوف جراء تشكيل حكومتين موازيتين في السودان وأثر ذلك على وحدة السودان؟
في البدء أؤكد على أنه لا شرعية لأي حكومة تم الإعلان عنها أو أسست في أي من مناطق السودان لاسيما حكومة الأمل وحكومة السلام، وذلك منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، أي الانقلاب على حكومة الثورة الشرعية، أما السيناريوهات المتوقعة من جراء حكومتين فهذا خطر حقيقي ويعقد سبل الحل السلمي التفاوضي لأن اللجوء إلى استخدام الحل العسكري لا يفضي إلى سلام حقيقي، وذاكرتنا التاريخية القريبة في حروبنا تنتهي باتفاقيات السلام، والخطر الأكبر أن تكوين هذه الحكومات يعمل على تفكيك وحدة السودان أرضًا وشعبًا.
وفي يوليو الماضي أعلنت قوات الدعم السريع، عن تشكيل حكومة موازية في السودان، في خطوة يرفضها الجيش، وحذرت الأمم المتحدة سابقًا من مخاطرها على وحدة السودان.
وسيرأس قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي)، المجلس الرئاسي في الحكومة الموازية، فيما سيكون قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال عبد العزيز الحلو، نائبًا له في المجلس المكون من 15 عضوًا.
*بعد دخول حرب السودان عامها الثالث وتصاعد معدلات اللجوء والنزوح، هل من الممكن أن ينتهي النزاع بانتصار عسكري حاسم لأي من طرفي الحرب؟
الحسم العسكري أو تصاعد الخطاب العسكري بين طرفي الصراع والتصريحات المتوالية، وعدم رغبتهم في العودة إلى طاولة الحوار، كلها سيناريوهات تعقد الكارثة الإنسانية، وتعمل على تزايد معدلات النزوح والتشرد والتجويع والتعرض المدنيين بصورة أبشع لمختلف الانتهاكات التي ترق إلى مستوى الإبادة الجماعية، لذلك الحل السلمي هو الحل الشامل.
*ما هي السبل لوقف إطلاق النار وصولًا إلى الحل السلمي وتحقيق التحول المدني الديمقراطي؟
الوصول للحل السلمي وتحقيق التحول الديمقراطي يرتكز على عدة مرتكزات أهمها مناشدة المجتمع الإقليمي والدولي بالضغط على طرفي الصراع لفتح المسارات، ووصول المساعدات ووقف فوري لإطلاق النار، والمرتكز الثاني إطلاق عملية سلام شامل بثلاثة مسارات ترتكز على المسار الإنساني ويشمل إيصال المساعدات وحماية المدنيين، مسار وقف إطلاق النار ويشمل الاتفاق على وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية الدائمة، المسار السياسي ويشمل إطلاق حوار وطني يخاطب جذور الأزمة ويرسى سلامًا مستدامًا في البلاد، ويضم كافة الأطراف عدا المؤتمر الوطني وواجهاته الإسلامية.
*ما هو تقييمكم لتصاعد خطاب الكراهية والعنصرية، وتمدد أنشطة عناصر النظام البائد لنشر الإرهاب وتصفية الخصوم ومحاربة القوى المدنية؟
ما يخص الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني قمنا في صمود بإطلاق نداء لكافة الشعب وكذلك إقليميًا ودوليًا، لاسيما القانونيين والدبلوماسيين، بتصنيف الحركة الإسلامية وواجهاتها منظومة إرهابية. تتضمن هذه المبادرة عدة أسباب وهي التي ظللنا نتخذها موقفًا في سرديتنا لرفض المؤتمر الوطني وواجهاته بالاستبعاد من أي عملية سياسية قادمة. ومن ملامح هذا النداء هو أن الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني منظومة مسقطة بواسطة الشعب عن طريق ثورة ديسمبر المجيدة، منظومة إبادة جماعية، منقلبة على الديمقراطية ومنظومة فاشية لا تخضع للسلام.
*القوى المدنية هل لديها أي خطة أو رؤية أو آلية للضغط على طرفي الحرب لاستئناف التفاوض مرة أخرى؟
نرتكز على الحشد الجماهيري من أجل تكوين أكبر جبهة مدنية عريضة تضم كافة قوى الثورة وذلك بعدة صيغ تحقق هذا الهدف، وكذلك عن طريق الحوار السوداني سوداني الذي يفضي إلى عملية سياسية تضم كافة الأطراف عدا المؤتمر الوطني وواجهاته الإسلامية، ومناشدة المجتمع الإقليمي والدولي من أجل تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها السودانيون، والضغط على طرفي النزاع ومناشدتهم العاجلة بأن الحوار التفاوضي هو السبيل لحل الأزمة السودانية، وأن الحلول العسكرية لا تأتي بالسلام.
ترعى الرياض وواشنطن منذ 6 مايو 2023 محادثات بين الجيش و”الدعم السريع”، أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة السعودية بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين والخروج من الأعيان المدنية، وإعلان أكثر من هدنة وقعت خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين الطرفين، ما دفع الوسيطان تعليق المفاوضات.
*وفق مراقبون فإن الأطراف المتصارعة حصلت على أسلحة جديدة أثناء استمرار العمليات العسكرية، هل عجز المجتمع الدولي عن مراقبة تدفق الأسلحة ووصولها إلى السودان؟
العمليات العسكرية ظلت مستمرة طيلة الفترة الماضية أي مع اقتراب إكمال عامها الثالث، كما استمر تدفق الأسلحة مستمرًا وهذا يرجع إلى التقاطعات الإقليمية والدولية ومصالحها المرتبطة بالسودان، لذلك نحن نناشد المجتمع الإقليمي والدولي بتجفيف منابع تمويل طرفي الصراع وحظر استيراد الأسلحة لطرفي الصراع، ونناشد كذلك بالوقوف مع السودانيين في أي عملية تدعم السلام والاستقرار في السودان.
وفي يونيو الماضي قال محققون في مجال حقوق الإنسان، إن القتال العنيف في السودان لا يزال يتصاعد كنتيجة مباشرة لاستمرار تدفق الأسلحة إلى البلاد، مما يعني أن الحرب لم تنتهِ بعد.
ومنذ أبريل/ نيسان 2023، يشهد السودان حربًا بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفًا.