أفق جديد
في ظل استمرار الحرب وتضاؤل فرص الحل السلمي، وتدهور الوضع الإنساني بشكل مستمر في السودان، فإن الأوضاع الأمنية والإنسانية تمضي نحو الهاوية، بسبب سوء التغذية الحاد والجوع.
وتسببت الحرب وفق الأمم المتحدة في “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، وأدت إلى انقسام البلاد بحكم الأمر الواقع بين المتحاربين، إذ يسيطر الجيش السوداني على الوسط والشرق والشمال، في حين تسيطر قوات الدعم السريع على القسم الأكبر من إقليم دارفور وأجزاء من الجنوب.
ورغم الوضع الكارثي فإن الأطراف المتحاربة لا تسمح بانسياب المساعدات الإنسانية وقوافل الإغاثة إلى الجوعى بسرعة ودون عوائق، وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، يشهد السودان أيضًا أسوأ تفشٍ للكوليرا منذ سنوات مدفوعا بالحرب المستمرة.
أكد المتحدث باسم تحالف السودان التأسيسي “تأسيس”، علاء الدين نقد، أن التحالف يرى أن التفاوض هو المخرج الوحيد من الحرب، لكنه شدد على أن “أي عملية تفاوض يجب ألا تكرر أخطاء الماضي وألا تتيح عودة تنظيم الإخوان والمؤتمر الوطني إلى السلطة”، واصفاً إياهم بـ”التنظيم الإرهابي” المسؤول عن إشعال الحروب وتخريب جولات السلام السابقة.
وأوضح نقد أن رؤية التحالف ترتكز على “الميثاق السياسي والدستور الانتقالي لجمهورية السودان 2025″، اللذين يهدفان لمعالجة جذور الأزمة السودانية منذ الاستقلال، بما في ذلك الاعتراف بمسؤولية الانقلابات العسكرية عن تعطيل المسار الديمقراطي، وتجريمها بصورة صريحة. وأضاف أن الجيش، بعد أن جرى “تدجينه” من قبل الإسلاميين منذ انقلاب 1989، أصبح أداة سياسية بيد المؤتمر الوطني، ما يجعل أي محاولة للسلام ناقصة دون معالجة هذه الحقيقة.
وحول قرار مجلس الأمن الرافض لتشكيل حكومة موازية، قال نقد إن “شرعية حكومة السلام نابعة من دعم الجماهير التي خرجت بالملايين لتأييدها”، معتبراً أن موقف التحالف يمثل التزاماً أخلاقياً تجاه الشعب، في مواجهة ما وصفها بـ”الشرعية الزائفة” لسلطات بورتسودان.
وفي 13 أغسطس، أعلن أعضاء مجلس الأمن الدولي، رفضهم تشكيل قوات الدعم السريع، سلطة حكم موازية بالسودان، وحثوا جميع الدول على “الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع”.
أما بشأن أوضاع مدينة الفاشر المحاصرة، فقد أكد أن التحالف يسعى إلى تحريرها “من قبضة المؤتمر الوطني وحلفائه”، مشيراً إلى أن قواته أخرجت آلاف المدنيين إلى مناطق آمنة، لكن الجيش وحلفاءه منعوا كثيرين من المغادرة لاستخدامهم كدروع بشرية.
وخلال الأيام الماضية، تكررت هجمات قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، التي تفرض عليها حصارًا منذ 10 مايو/ أيار 2024، رغم التحذيرات الدولية من خطورة المعارك في الفاشر باعتبارها مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
ووصف المتحدث قرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الأخيرة، القاضية بإخضاع القوات المساندة لقانون الجيش، بأنها “مناورة هدفها ترتيب البيت الداخلي للإسلاميين وخداع المجتمع الدولي”، مشيراً إلى أن “القرار الفعلي للجيش يظل بيد المؤتمر الوطني”.
وفي 17 أغسطس الجاري أصدر رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني، قرارا بإخضاع القوات المساندة العاملة مع الجيش وتحمل السلاح لأحكام قانون الجيش السوداني.
وعن خطاب الكراهية والعنصرية المتصاعد، حمّل نقد الإسلاميين المسؤولية، قائلاً إنهم يستخدمون “الدين والعنصرية كسلاح لإشعال الحروب وإطالة أمد بقائهم في السلطة”، مؤكداً أن سياساتهم تمثل خطراً على بقاء الدولة السودانية نفسها.
وانتقد المتحدث أداء المجتمع الدولي، معتبراً أنه “فشل في تعريف الأزمة السودانية بصورة صحيحة”، لكنه أشار إلى أن مؤشرات جديدة ظهرت باتجاه إدراك خطورة دور الإسلاميين وتهديدهم للأمن الإقليمي والدولي، خاصة في البحر الأحمر والقرن الأفريقي والساحل والصحراء.
وختم نقد بالتأكيد على أن “وقف الحرب لن يتحقق إلا من خلال تفاوض جاد يعالج جذور الأزمة ويقطع الطريق أمام عودة الإسلاميين، حتى تكون هذه آخر الحروب في السودان”.