بعد التجربة الموريتانية.. هل ينتقل عملاقا القمة السودانية إلى الملاعب الجزائرية؟
أفق جديد
تعيش الكرة السودانية واحدة من أعقد مراحلها التاريخية، إذ لا تزال تدفع ثمناً باهظاً للحرب التي طالت كل القطاعات الحيوية في البلاد، يجد الاتحاد السوداني لكرة القدم نفسه أمام تحدٍ متواصل لإيجاد بدائل تحفظ استمرارية أنديته الكبرى في المنافسات، سواء على الصعيد المحلي أو القاري.
الموسم الماضي، لجأ الاتحاد السوداني إلى اتفاق غير مسبوق مع الاتحاد الموريتاني لكرة القدم، سمح بموجبه لناديي الهلال والمريخ بالمشاركة في الدوري الموريتاني الممتاز. تلك الخطوة، التي حظيت بموافقة رسمية من الاتحادين الأفريقي والدولي، اعتُبرت حلاً إسعافياً في ظل الظروف الأمنية المتدهورة داخل السودان.
وقد أثمرت التجربة عن مشاركة فعالة، حيث تمكن الهلال من خطف لقب الدوري الموريتاني في سابقة تاريخية، بينما جاء المريخ بالمركز السادس . ورغم الجدل الذي رافق القرار، فقد منحت التجربة السودانيين بصيص أمل في إمكانية استمرار نشاطهم الكروي حتى في ظل انعدام الأرضية المحلية.
إلى جانب ذلك، أطلق الاتحاد السوداني “بطولة النخبة” المصغّرة، والتي هدفت إلى تحديد ممثلي السودان في البطولات القارية. ورغم محدوديتها، إلا أنها ساعدت على حفظ التوازن ولو بشكل جزئي.
خيار الجزائر مطروح على الطاولة
التقارير الصحافية الأخيرة كشفت أن الاتحاد السوداني فتح بالفعل قنوات تواصل مباشرة مع نظيره الجزائري، في محاولة لتكرار السيناريو الموريتاني، ولكن هذه المرة عبر الدوري الجزائري. الفكرة تقوم على السماح للهلال والمريخ – باعتبارهما الناديين الأبرز والأكثر جماهيرية – بخوض منافسات الدوري الجزائري للموسم الحالي.
هذا الطرح يبدو أكثر واقعية مقارنة ببلدان أخرى، لعدة أسباب. فالجزائر تمتلك دوريّاً قوياً ومنظماً، إضافة إلى قربها الجغرافي نسبياً من السودان ، كما أن وجود روابط تاريخية بين الشعبين واتحادَي البلدين يعزز فرص نجاح الاتفاق إذا ما حصل على الضوء الأخضر من الاتحادين القاري والدولي.
ورغم أن التجربة الموريتانية منحت الاتحاد السوداني “سابقة قانونية”، إلا أن نقل الأندية السودانية للمنافسة في الجزائر لن يكون خالياً من العقبات. فالاتحاد الجزائري سيكون بحاجة إلى تعديل بعض اللوائح الداخلية، كما أن الاتحاد الأفريقي (كاف) سيحتاج إلى مراجعة القرار للتأكد من توافقه مع أنظمة التراخيص واللوائح الخاصة بتنظيم البطولات المحلية.
علاوة على ذلك، فإن الجانب التنظيمي يمثل تحدياً حقيقياً. فتنقّل الأندية السودانية وإقامتها الدائمة في الجزائر يتطلب موارد مالية ضخمة، وهو ما قد يفتح الباب أمام رعاية جديدة أو دعم خاص من الاتحاد الدولي، كما حدث في التجربة الموريتانية حيث تكفل الاتحاد الموريتاني لكرة القدم بجزء من النفقات .
بالتوازي مع البحث عن حلول محلية، يستعد الهلال والمريخ لخوض غمار دوري أبطال أفريقيا هذا الموسم. القرعة وضعت الهلال في مواجهة فريق جاموس جوبا، بطل جنوب السودان، في الدور التمهيدي، فيما سيلاقي المريخ وصيف الدوري الكونغولي.
وهنا يبرز التحدي الأكبر: هل يستطيع الفريقان المنافسة قارياً دون وجود دوري محلي يحافظ على جاهزيتهما الفنية؟ تجربة اللعب في الدوري الجزائري إذا ما تمت قد تكون الحل الأمثل لإبقاء اللاعبين في أجواء تنافسية عالية، وهو ما ينعكس إيجاباً على الأداء الأفريقي.