تقرير صادم.. 89% من مزارعي السودان يفقدون إنتاجهم الزراعي بسبب الحرب

أفق جديد
أظهرت دراسة حديثة أصدرتها منظمة كير الدولية أن الحرب المستمرة في السودان تركت آثاراً مدمرة على القطاع الزراعي، ما أدى إلى تراجع كبير في إنتاج الغذاء ودفع ملايين الأشخاص نحو حافة المجاعة، في حين كانت النساء المزارعات الأكثر تضرراً من هذه الأزمة.

التقرير الذي حمل عنوان “الصراع والنساء والزراعة في السودان” أشار إلى أن 89% من صغار المزارعين أكدوا انخفاض إنتاج محاصيلهم منذ اندلاع القتال، فيما ذكر أكثر من نصفهم أن انعدام الأمن حال دون حصاد محاصيلهم. ووصفت المنظمة الوضع بأنه تهديد مباشر لحياة الملايين يمكن تفاديه إذا ما توفّر الدعم العاجل.

الدراسة أُجريت في الفترة بين 21 مارس و15 أبريل 2025 بولايات شرق دارفور، جنوب دارفور، وجنوب كردفان، واستندت إلى مقابلات فردية ونقاشات جماعية مع 492 مزارعاً تم اختيارهم عشوائياً. لفت التقرير إلى أن 87% من المشاركين نساء، نتيجة التغيرات الديموغرافية بعد نزوح الرجال بحثاً عن عمل أو هرباً من التجنيد القسري لدى الجماعات المسلحة.

قيود مضاعفة على النساء
أظهرت النتائج أن تسعة من كل عشرة مزارعين، ومعظمهم نساء، يفتقرون إلى الموارد المالية لشراء البذور والأسمدة والأدوات. قبل الحرب، كان واحد من كل خمسة مزارعين يزرع أقل من فدان واحد فقط، لكن النسبة تضاعفت الآن لتصل إلى 40% بسبب نقص العمالة وارتفاع تكاليف الزراعة.
كما أفاد أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين بأن محاصيلهم تلفت أو سُرقت أو تُركت لتتعفن لغياب مرافق التخزين المناسبة. هذا الأمر دفع العديد من النساء إلى بيع منتجاتهن مبكراً وبأسعار زهيدة، ما أفقدهن دخلاً أساسياً تعتمد عليه الأسر الريفية.

أوضح التقرير أن ما يقرب من ثلثي المزارعين واجهوا اضطرابات أعاقت نشاطهم الزراعي، بينما قال 17% منهم إنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى الأسواق على الإطلاق. ارتفاع أسعار الوقود ونقص وسائل النقل وانعدام الأمن على الطرق الرئيسية كلها عوامل زادت من عزلة المجتمعات الريفية وحدّت من قدراتها على التجارة.

وذكر 80% من المزارعين أن أسعار الغذاء باتت غير مستقرة، بينما أكد 58% أن تكاليف المدخلات الزراعية تمثل ضغطاً خانقاً. حتى خلال موسم الحصاد، عندما يكون الغذاء أكثر وفرة، أقر أربعة من كل خمسة مشاركين بانخفاض كبير في توفر المواد الغذائية في مجتمعاتهم.
أفادت العديد من الأسر بأنها خفّضت عدد وجباتها اليومية وتخلّت عن تنوع الطعام، فيما تتحمّل النساء العبء الأكبر إذ غالباً ما يكنّ آخر من يتناول الطعام وأقلّ من غيرهن داخل الأسرة.
على الرغم من اتساع الأزمة، أكدت منظمة كير أن حجم المساعدات لا يزال بعيداً عن تلبية الاحتياجات. فبحلول يوليو/تموز 2025 لم يتلقَ الدعم الزراعي سوى 18% من أصل 15 مليون شخص مستهدفين.
حثّت المنظمة الحكومات والجهات المانحة على التعامل مع الزراعة باعتبارها مساعدات منقذة للحياة، مع زيادة الدعم المباشر للمزارعات، والاستثمار في مرافق التخزين، وتعزيز الأسواق المحلية، وربط التدخلات الإنسانية ببرامج التنمية وجهود بناء السلام.
واختتم التقرير بتحذير واضح: “من دون دعم عاجل للمزارعين، فإن أزمة انعدام الأمن الغذائي ستتفاقم، مع ما تحمله من عواقب إنسانية مدمرة على السودان”.

Exit mobile version