أفق جديد
اتهمت بعثة تقصّي الحقائق المستقلة التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أطراف النزاع في السودان بارتكاب انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق ضد المدنيين، مؤكدة أن كثيرًا منها يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفي بعض الحالات إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وأوضحت البعثة في تقريرها الصادر اليوم الجمعة أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وحلفاءها استهدفوا السكان المدنيين عمدًا في مختلف أنحاء البلاد، عبر هجمات مباشرة واسعة النطاق، إضافة إلى تدمير البنية التحتية الحيوية مثل الأسواق، شبكات المياه، المراكز الطبية، وأنظمة الغذاء.
وأشار التقرير إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت خلال حصار مدينة الفاشر وما حولها انتهاكات خطيرة شملت القتل الجماعي، الاغتصاب، الاستعباد الجنسي، التعذيب، والتهجير القسري على أسس عرقية واجتماعية. كما وثقت البعثة استخدام التجويع كأداة حرب بحرمان السكان من الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية.
وقال رئيس البعثة، محمد شاندي عثمان، إن المدنيين هم من “يدفعون الثمن الأكبر في هذه الحرب”، حيث يتعرضون للاستهداف المتعمد عبر الإعدامات الميدانية والاحتجاز التعسفي والمعاملة القاسية والحرمان من الخدمات الأساسية.
كما وثق التقرير مجزرة ارتكبت في أبريل الماضي بين الفاشر ومخيم زمزم أودت بحياة ما بين 300 إلى 500 مدني، معظمهم نساء وأطفال، إضافة إلى انتهاكات في ولاية الجزيرة بعد استعادة القوات المسلحة السيطرة على مدينة الكاملين في يناير، شملت عمليات قتل واعتقال قسري.
ووصفت شهادات ناجين مراكز احتجاز تابعة لقوات الدعم السريع بأنها “أشبه بالمسالخ”، حيث تعرض محتجزون للتعذيب، الإعدامات الموجزة، والعمل القسري، وأحيانًا للاحتجاز مقابل فدية.
كذلك رصدت البعثة جرائم عنف جنسي واسعة ارتكبها مقاتلو الدعم السريع وحلفاؤهم، استهدفت فتيات لم تتجاوز أعمار بعضهن 12 عامًا، من مجتمعات غير عربية، وتضمنت الاغتصاب الجماعي والزواج القسري والاستعباد. كما أشارت إلى تورط عناصر من القوات المسلحة السودانية في انتهاكات مماثلة.
وأكدت الخبيرة نجوزي جوي إيزيلو أن كل حالة وثقتها البعثة “تكشف عن مجتمع محطم ونازح وإنسان يعاني من صدمات نفسية عميقة”.
ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لفرض عقوبات محددة على الأفراد والكيانات المسؤولة عن الجرائم، وحظر توريد السلاح للأطراف المتحاربة، وإنشاء آلية قضائية دولية مستقلة لمساءلة الجناة. كما شدد على ضرورة رفع الحصار عن المناطق المحاصرة وزيادة المساعدات الإنسانية، محذرًا من أن السودان يمر بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف سكانه انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، فيما تجاوز عدد النازحين 12 مليون شخص.
واعتبرت البعثة أن أي تقاعس عن التحرك الدولي سيكون بمثابة “خيانة للشعب السوداني وخيانة لمبادئ القانون الدولي”.