استئصال الإخوان.. لحظة الحقيقة في مستقبل السودان
حاتم أيوب أبو الحسن
يتجه المشهد السوداني، داخلياً وإقليمياً ودولياً، نحو مسار جديد عنوانه تحجيم دور الإخوان المسلمين واستئصالهم من مفاصل الدولة، خاصة داخل القوات المسلحة. فقد بات واضحاً أن هذه الجماعة تمثل العائق الأكبر أمام إيقاف الحرب وفتح الطريق لسلام مستدام. ويؤكد ذلك ما نقله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للفريق عبد الفتاح البرهان عن رغبة واشنطن في إنهاء نفوذ الإخوان داخل المؤسسة العسكرية، في خطوة تعكس توافقاً دولياً وإقليمياً على أن وجودهم أصبح تهديداً مباشراً لوحدة السودان واستقراره.
منذ سقوط نظام البشير بثورة ديسمبر، لم يقبل الإخوان بالهزيمة الشعبية. لجأوا أولاً إلى الانقلاب لإجهاض الحراك المدني، ثم إلى إشعال حرب لم يحققوا فيها أي مكاسب تُذكر. اليوم، وبعد انكشاف مشروعهم أمام الداخل والخارج، أصبحوا في عزلة سياسية واجتماعية غير مسبوقة، بعد أن نبذهم حتى أولئك الذين وفّروا لهم مظلة الدعم لسنوات.
لكن سقوط الإخوان لا يُقرأ فقط في سياق الصراع على السلطة، بل في كونه فرصة تاريخية أمام السودانيين لصياغة مسار جديد. فالحراك الشعبي الذي قاده الشباب والمثقفون منذ ديسمبر لم يكن مجرد انتفاضة لحظية، بل مشروع وعي جمعي أثبت قدرته على فرض التغيير وإجبار القوى السياسية على إعادة حساباتها. هذا الوعي هو رأس المال الحقيقي لبناء سودان عادل وموحد، يتجاوز الوصاية العسكرية والدينية معاً.
على المستوى الدولي، يلتقي الضغط الأمريكي مع الموقف المصري ومع توجهات خليجية متنامية ترى في استئصال الإخوان ضرورة لاستقرار السودان والإقليم. غير أن نجاح هذه المقاربة مرهون بمدى قدرة القوى المدنية على الإمساك بزمام المبادرة، وعدم ترك مستقبل السودان مرتهناً لمعادلات خارجية أو صفقات مؤقتة. فالتجربة علمت السودانيين أن أي تسوية لا تنطلق من إرادة داخلية صلبة ستظل هشة وقابلة للانهيار.
الخلاصة أن السودان اليوم يقف أمام مفترق طرق: استئصال الإخوان لا يعني فقط التخلص من جماعة بعينها، بل إزالة أكبر عائق أمام بروز مشروع وطني جامع. ومع انكشافهم وانزوائهم، بات الباب مفتوحاً أمام القوى المدنية والشبابية لتشكيل مستقبل جديد، حيث يصبح السلام ممكناً، والديمقراطية قابلة للتحقق، والوطن العادل حلماً في متناول السودانيين رغم التطورات السياسية بتشكيل سلطة موازية .
نعود
@~adel ahim