مؤتمر نيروبي : حرب السودان تتحول إلى صراع إقليمي بفعل المقاتلين الأجانب.. والحل السياسي هو المخرج الوحيد

نيروبي – ذا ستار الكينية
اكتسبت حملة جديدة من أجل إنهاء الحرب السودانية زخماً متزايداً في العاصمة الكينية نيروبي يوم الخميس، بعدما اجتمع قادة أفارقة ودوليون ضمن منتدى رفيع المستوى للتحذير من أن الصراع المستمر منذ أكثر من عامين لا يمكن حسمه عسكرياً، وأن الحل السياسي الشامل هو المخرج الوحيد لتجنيب السودان والمنطقة مزيداً من الكوارث الإنسانية والانزلاق نحو عدم الاستقرار.

المنتدى، الذي نظمته مؤسسة كوفي عنان بالشراكة مع مؤسسة السفيرة أمينة لايف والمركز الإعلامي المغاربي الأفريقي، جاء في توقيت بالغ الحساسية، حيث تشهد الأوضاع في السودان تدهوراً غير مسبوق على الأصعدة كافة: إنسانياً واقتصادياً وأمنياً، فيما تتعالى المخاوف من تحوله إلى بؤرة مفتوحة لاستقطاب الميليشيات والمقاتلين الأجانب.

لا انتصار عسكري
المندوبون في المنتدى استبعدوا بشكل قاطع إمكانية تحقيق أي طرف انتصار عسكري على الأرض. وأشاروا إلى أن الجيش السوداني أفشل، في مناسبات عدة، مبادرات سلام سابقة، منها مفاوضات جدة منتصف عام 2023، ومحادثات المنامة في أواخر العام نفسه، وصولاً إلى مناقشات جنيف مطلع عام 2025، التي توقفت دون نتائج ملموسة.
وأكد الحاضرون أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى جانب الميليشيات المتحالفة معهما، ارتكبت انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، داعين إلى فتح ممرات إنسانية فورية لإيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة.

“كارثة إنسانية” على مرأى العالم
أمينة محمد، وزيرة الخارجية الكينية السابقة، وصفت ما يجري في السودان بأنه “كارثة إنسانية تهدد الاستقرار الإقليمي”. وقالت:  “الحرب شردت الملايين ودَفعت أعداداً هائلة من السودانيين إلى دول الجوار، ما يضاعف أعباء اللاجئين على المنطقة. إن السبيل الوحيد لإنهاء هذه المأساة هو عملية سياسية شاملة وذات مصداقية”.

ودعت أمينة المجتمع الدولي إلى رفع مستوى الوعي بما يجري في السودان، وتكثيف الضغط على الأطراف المتحاربة للانخراط في حوار جاد يقود إلى وقف الحرب.

وزير خارجية جنوب السودان السابق برنابا بنجامين حذر من اتساع رقعة الصراع بما يتجاوز حدود السودان، مشيراً إلى أن الميليشيات الإسلامية والجماعات المتطرفة باتت تجد في الحرب بيئة خصبة للتوسع. وأضاف: “ظهور حكومات متنافسة في السودان سيكون بمثابة تفجير إضافي للأزمة، لكن يمكن للاتحاد الأفريقي أن يلعب دوراً محورياً في احتواء الموقف”.

في السياق نفسه، شدد وزير شؤون الحكومة السودانية السابق وعضو تحالف صمود، خالد عمر يوسف على أن الميليشيات والفصائل المسلحة تسهم بشكل مباشر في إطالة أمد الحرب.  كما أشار إلى الانهيار التام للخدمات الأساسية من غذاء وصحة وتعليم ومياه وكهرباء، وانهيار قيمة الجنيه السوداني، ما يضع البلاد على حافة الانهيار الكامل.
وقال يوسف: “الإسلاميون يغذون الحرب بخطاب الكراهية والعنصرية، ويدفعون إلى الانفصال وتفتيت السودان أكثر فأكثر”.

المبعوث الأممي السابق إلى مالي ووزير الخارجية التونسي الأسبق منجي حمدي عبّر عن أسفه لما وصفه بكون حرب السودان أصبحت “صراعاً منسياً”، رغم خسائره البشرية والإنسانية الجسيمة.
وأضاف أن الميليشيات الأجنبية القادمة من إثيوبيا وتشاد تزيد من زعزعة استقرار البلاد، مؤكداً أن الحل السياسي وحده قادر على كسر دوامة العنف.

واختتم المنتدى أعماله بإصدار بيان ختامي قوي اللهجة، جاء فيه: “لقد عانى شعب السودان بما فيه الكفاية. الاعتماد المستمر على الحلول العسكرية لا يؤدي إلا إلى تعميق دائرة العنف والدمار واليأس. لا يمكن لأي انتصار في ساحة المعركة أن يجلب السلام أو العدالة أو الاستقرار للسودان. الحل السياسي الشامل وحده هو الذي يمكن أن يحقق ذلك”.

ودعا البيان الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد)، والأمم المتحدة، إلى التحرك الحاسم، وممارسة ضغط مباشر على الجيش والدعم السريع من أجل وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات.

 

Exit mobile version