السودان الغائب الحاضر..  موسى وجمال، لاجئان يرفعان اسمه في بطولة العالم لألعاب القوى

أفق جديد 

تجمع بطولة العالم لألعاب القوى في طوكيو 2025 قصصاً رياضية استثنائية، لكن قصة الثنائي السوداني موسى سليمان وجمال عبد المجيد عيسى، تحت راية فريق اللاجئين، تحمل بُعداً إنسانياً يتجاوز حدود المنافسة. فهما ليسا مجرد عدّائين يسعيان لتحقيق أرقام جديدة، بل سفيران لمعاناة ملايين اللاجئين السودانيين الذين فقدوا أوطانهم، ويبحثون عن فرصة للانتصار على واقع قاسٍ.

 

موسى سليمان.. الموهبة التي ولدت من قلب المعاناة

وُلد موسى سليمان عام 2004، وعرف معنى النزوح مبكراً عندما اضطر لمغادرة السودان مع أسرته عام 2015 بسبب الحرب. استقر في مصر لسنوات طويلة قبل أن يحصل على فرصة لإعادة التوطين في سويسرا عام 2021، وهناك وجد بيئة جديدة سمحت له بتجربة رياضة الجري للمرة الأولى.

لم يكن دخوله عالم ألعاب القوى مخططاً منذ الطفولة، بل جاء متأخراً عام 2022. لكن رغم حداثة عهده بالمضمار، أظهر سرعة وقدرة تنافسية في سباق 800 متر، ما أهله للحصول على منحة من مؤسسة اللاجئين الأولمبية. أصيب في ركبته خلال مسيرته القصيرة، غير أن عزيمته دفعته لتجاوز الإصابة والعودة إلى التدريب بقوة.

مشاركته في أولمبياد باريس 2024 مع فريق اللاجئين الأولمبي كانت لحظة فاصلة؛ إذ تحولت قصته إلى مصدر إلهام للاجئين الشباب. واليوم، يدخل بطولة العالم بطموح أن يبرهن على أن البداية المتأخرة لا تعني نهاية الحلم.

 

جمال عبد المجيد عيسى.. الركض بالخبرة والإصرار

على النقيض من سليمان، يحمل جمال عبد المجيد عيسى سجلاً طويلاً في ألعاب القوى. يبلغ من العمر 31 عاماً، وبدأ رحلته مع اللجوء وهو مراهق حين غادر السودان ليستقر في إسرائيل. منذ انضمامه للاتحاد الدولي لألعاب القوى عام 2019، برز كأحد أبرز العدائين في سباقات المسافات الطويلة (5000 و10000 متر).

شارك عيسى في بطولات العالم 2019 بالدوحة و2022 في يوجين، وغاب عن نسخة 2023 في بودابست، لكنه عاد بقوة في صيف 2024 حين سجل 13:21 دقيقة في سباق 5000 متر بفيينا، وهو رقم قريب من أفضل إنجازاته الشخصية. كما أن له رصيد أولمبي مميز؛ فقد ظهر مرتين تحت علم فريق اللاجئين في طوكيو 2020 وباريس 2024، وحلّ بالمركز الثامن عشر في سباق 10 آلاف متر.

يُنظر إلى عيسى اليوم بوصفه القائد غير الرسمي لفريق اللاجئين، ليس فقط بخبرته الرياضية، بل بدوره في مساندة زملائه الأصغر سناً الذين يواجهون صعوبة في التأقلم مع الأجواء العالمية.

 

فريق اللاجئين… منصة للرسائل الإنسانية

إن وجود موسى وجمال ضمن فريق اللاجئين المشارك في طوكيو 2025 هو تتويج لجهود اللجنة الأولمبية الدولية ومؤسسة اللاجئين الأولمبية، التي تعمل على دمج الرياضيين المهجرين في المنافسات الكبرى. هذه المبادرة، التي انطلقت لأول مرة عام 2016، أثبتت أن الرياضة قادرة على تحويل قصص النزوح إلى روايات أمل وإصرار.

وبالنسبة للسودان تحديداً، حيث يعيش الملايين ظروف نزوح داخلي وخارجي بسبب الحرب، فإن ظهور رياضيين سودانيين على الساحة العالمية يحمل رمزية قوية. فهو يذكر العالم بأن خلف الأرقام والإحصاءات توجد قصص شخصية عن أشخاص يحاولون إعادة بناء حياتهم عبر الرياضة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى