تعيين الاسلامي النعمان عبد الحليم خلفاً لهشام عمر النور في قسم الفلسفة بجامعة النيلين يثير الجدل

شبّه كيكل بخالد بن الوليد

أثار قرار إدارة جامعة النيلين بتعيين د. النعمان عبدالحليم، القيادي بالحركة الإسلامية والأمين السياسي السابق لحزب المؤتمر الوطني المحلول، رئيساً لقسم الفلسفة بكلية الآداب، خلفاً للبروفيسور هشام عمر النور، حالة من الجدل الواسع على منصات التواصل الاجتماعي، وأعاد إلى الواجهة النقاش حول عودة التيار الإسلامي للسيطرة على المؤسسات التعليمية في السودان.

الجامعة كانت قد أصدرت في وقت سابق قراراً بفصل البروفيسور هشام عمر النور من منصبه الأكاديمي، وهو قرار قوبل برفض كبير من قبل الأوساط الثقافية والفكرية، وكذلك من طلابه وزملائه الذين اعتبروا أن ما جرى لا يعدو كونه استهدافاً لصوت أكاديمي حر دأب على تعزيز الفكر النقدي والبحث الفلسفي المستقل داخل قاعات الدرس.

هشام عمر النور: من طب الأسنان إلى الفلسفة
د. هشام عمر النور بدأ دراسته في مجال طب الأسنان، قبل أن ينتقل إلى دراسة الفلسفة التي وجد فيها فضاءً أرحب للتساؤل والبحث، ليتخصص فيها ويمارس التدريس بجامعة النيلين منذ عام 1994.
عُرف هشام بين طلابه وزملائه بمهنيته العالية، وابتعاده عن أي ارتباطات تنظيمية أو سياسية، مكتفياً بدوره كباحث وأستاذ أكاديمي يسعى لترسيخ قيم التفكير النقدي والشفافية والمنهجية. وقد وصفه أحد طلابه السابقين بأنه فيلسوف عميق بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ورمز من رموز النضال الفكري والمعرفي في السودان.

النعمان عبدالحليم: الأكاديمي – السياسي
في المقابل، يأتي د. النعمان عبدالحليم من خلفية مختلفة تماماً؛ فهو أحد الوجوه البارزة في الحركة الإسلامية، شغل منصب الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني قبل حله، ويُعرف بمواقفه الحادة في الدفاع عن الإسلاميين.
وقد أثار جدلاً في قبل أشهر حين شبّه قائد قوات درع السودان أبوعاقلة كيكل الصحابي الجليل خالد بن الوليد، في مقارنة وُصفت بأنها غير موفقة، وأثارت موجة من السخرية على وسائل التواصل الاجتماعي.

عدد من المثقفين والمدونين اعتبروا أن ما حدث ليس إجراءا إداريا بل هو تعبير عن موقف سياسي من الفلسفة كعلم ومن الجامعة كفضاء للحرية والتعددية.

حيث وصف الكاتب عبدالغني كرم الله ما يجري بأنه انعكاس لأزمة مكتملة الأركان، قائلاً:
حا ينقل حوار السكاكين وليس العقول..
نحن في ازمة مكتملة الاركان والشروط
اشكالية متنوعة فيها فقر الثقافة والخلق والخيال والحس والرهافة والضمير والفكر والحلم والطموح،..
كل شي مافي عند هذه الطغمة التي هيمنت على مطلق السلطة منذ 1989 وليومنا الحزين هذا..
الفلسفة في ميزان السياسة
مقارنة الرجلين تعكس بوضوح الصراع بين الفلسفة كحقل حرّ للبحث عن الحقيقة، وبين الأيديولوجيا الإسلامية التي سعت منذ انقلاب 1989 إلى إخضاع الجامعات لمشروعها السياسي والفكري.
ويرى متابعون أن هشام يمثل خط الفلسفة بوصفها فضاءً للتعددية الفكرية والحرية الفردية، بينما يجسد النعمان اتجاه تسييس الفلسفة محاولة إعادة تعريفها في ضوء فكر الحركة الإسلامية.

وكتب محمد المختار بسخرية لاذعة: النعمان لن يقرأ لجون ستيوارت ميل عن الحرية، ولا لجان بول سارتر عن الوجود، لكنه يؤمن بفلسفة العنف عند حسن البنا وسيد قطب.

القرار برأي كثيرين هو مؤشر على أن الإسلاميين استعادوا مجددا نفوذهم داخل الجامعات ، باعتبارها إحدى أهم ساحات تشكيل الوعي. وهو ما الأمر الذي يهدد مستقبل الحرية الأكاديمية في السودان.

Exit mobile version