أفق جديد
تتفاقم الأوضاع الإنسانية في البلاد، وتمضي الأوضاع الصحية من سيء إلى أسوأ، وفي ظل تفشي “حمى الضنك” بولاية الجزيرة، تم تعطيل الدراسة لجميع المدارس الثانوية لمدة 15 يومًا.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة، عن تعطيل الدراسة في جميع المدارس الثانوية بالولاية لمدة خمسة عشر يوماً، وذلك ابتداءً من يوم الأحد 21 سبتمبر 2025 وحتى السبت 4 أكتوبر 2025.
وأوضح خطاب صادر عن إدارة المرحلة الثانوية بالوزارة تلقته “أفق جديد”، أن القرار جاء في إطار الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي أمراض حمى الضنك والملاريا، التي شهدت انتشارًا واسعًا خلال الفترة الأخيرة في عدد من محليات الولاية.
وأكدت السلطات التعليمية أن الخطوة تأتي حفاظًا على صحة الطلاب والمعلمين، ومنعًا لانتقال العدوى داخل المدارس، مع متابعة الوضع الصحي بالتنسيق مع الجهات المختصة لاتخاذ ما يلزم من تدابير خلال فترة التعطيل.
بالنسبة إلى المعلم بالمرحلة الثانوية، مصعب عبد الله، فإن ولاية الجزيرة تشهد كغيرها من ولايات السودان تصاعدًا كبيرًا في حالات الإصابة بحمى الضنك والملاريا والتيفوئيد خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح عبد الله في حديثه لـ”أفق جديد”، أن قرار تعطيل الدراسة يجيء بسبب تدهور الخدمات الصحية وصعوبة الاستجابة السريعة للوباء.
من جهته رأى الخبير التربوي، أنس فضل المولى، أن تعليق الدراسة يأتي حفاظًا على صحة الطلاب ومنعًا لانتقال العدوى داخل المدارس.
وشدد فضل المولى في حديثه لـ”أفق جديد”، على ضرورة متابعة الوضع الصحي بالتنسيق مع الجهات المختصة لاتخاذ ما يلزم من تدابير خلال فترة تعطيل الدراسة.
وانتشار الأوبئة والأمراض يأتي في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الصحية بولاية الجزيرة، التي اقتحمتها قوات “الدعم السريع” في ديسمبر 2023 لمدة عام كامل ما تسبب في انهيار ودمار كامل للمستشفيات والمراكز الصحية والصيدليات والإمدادات الطبية، ودفع بالمواطنين إلى مواجهة أعباء جديدة إضافة إلى أعباء المعيشة ومواجهة مخاطر الوباء الذي تفشى بشكل سريع وفتاك.
يقول المواطن، التوم عبد الباقي لـ”أفق جديد”: “انتشرت الأوبئة والأمراض في ولاية الجزيرة بسبب تراكم الأوساخ والمياه الراكدة التي شكلت بيئة خصبة لنمو وتوالد البعوض الناقل للملاريا والمسبب لحمى الضنك”.
وأوضح عبد الباقي، أن ولاية الجزيرة ظلت تعاني من تفشي الأمراض المرتبطة بهطول الأمطار وتدفق السيول ما جعلها من أكثر الولايات عرضة للأوبئة الموسمية.
من جهته يقول المواطن صلاح عبد الله، أحد سكان حي الدرجة بمدينة ود مدني لـ”أفق جديد”: “إن المدينة شهدت انتشارًا ملحوظًا لحمى الضنك والملاريا والكوليرا والتيفويد، في ظل نقص حاد في الأدوية الضرورية والمستهلكات الطبية والمحاليل الوريدية والكوادر الصحية”.
وفي العاصمة الخرطوم، تزايدت الشكوى من انتشار حمى الضنك وسط نقص العلاج وتكدس المرافق الطبية بالمرضى في ظل نقص الأدوية والمحاليل الوريدية.
وكشفت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، عن تسجيل 14,012 إصابة بحمى الضنك بينها أربع وفيات منذ يناير 2024.
وقال مدير إدارة الطوارئ والوبائيات بوزارة الصحة، محمد التجاني، في مؤتمر صحفي إن تراكمي الإصابات بحمى الضنك في الولاية بلغ أكثر من 14 ألف إصابة من بينها 4 وفيات بنسبة 0.3%.
وكشف عن توفير عيادات متحركة وفرق للاستجابة السريعة بمحليات ولاية الخرطوم السبع.
وأوضح تقرير الوضع الوبائي الذي استعرضته وزارة الصحة أن الإصابات توزعت على جميع محليات الخرطوم، مع استمرار جهود الوزارة في الوقاية والعلاج ومكافحة البعوض الناقل للمرض.
وشددت الوزارة على أن 90% من جهود القضاء على المرض تعتمد على دور المجتمع داخل المنازل والأحياء من خلال التخلص من أماكن توالد البعوض مثل المياه الراكدة والإطارات القديمة.
وحذرت من الاستخدام العشوائي لـ”دربات البندول” دون وصفة طبية لما لها من مضاعفات محتملة، داعية المواطنين إلى مراجعة أقرب مرفق صحي عند ظهور الأعراض.
وأشار التقرير إلى مواصلة الفرق الصحية حملات رش وتوعية في المناطق الموبوءة، مع التأكيد على أهمية التبليغ المبكر والالتزام بالإرشادات الوقائية.
وكشف مدير الطب العلاجي، أحمد البشير، عن تنفيذ 980 عملية رش رذاذي و10 طلعات رش بالطائرات في المناطق التي يتعذر الوصول إليها في إطار خطة مكافحة نواقل الأمراض.
وأعلنت الوزارة عن توفر الخدمات العلاجية المجانية لحمى الضنك في مستشفيات: أم درمان، التميز، حاج الصافي، التركي، بشائر، البان جديد.
ووفقًا لتقرير الوضع الوبائي للفترة من يناير 2025 وحتى 22 سبتمبر، سجلت محلية كرري 7,245 إصابة وهي الأعلى بسبب الكثافة السكانية فيها، كما سجلت جبل أولياء 1,702 إصابة، وأم درمان 1,676 إصابة، بينما تم تسجيل 1,241 إصابة بمحلية شرق النيل، و1,019 إصابة بمحلية بحري، و809 إصابات بمحلية الخرطوم.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان، بما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.
ومنذ منتصف أبريل 2023، يشهد السودان حربًا بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفًا.