750 مليون متر مكعب يوميًا… هل تسبب سد النهضة في اغراق قرية ودرملي؟
أفق جديد/ وكالات
في ضواحي قرية ودرملي شمال العاصمة السودانية الخرطوم، اجتاحت مياه النيل منازل وأراضي زراعية بعد أن اخترقت أجزاء من السدود الترابية، محولة الطرق والمساحات السكنية إلى جداول موحلة متدفقة.
المياه البنية الثقيلة بالطمي، القادمة من المرتفعات الإثيوبية، غمرت الأحياء بعنف، فيما انشغل السكان بمحاولات إنقاذ ما تبقى من ممتلكاتهم. مشاهد الفوضى سيطرت على القرية، حيث شوهدت عائلات تحمل أثاثها إلى مناطق مرتفعة، بينما بذل شبان جهودًا مضنية لتدعيم الحواجز بالتراب والرمال في محاولة لوقف تدفق المياه.
هيثم سليمان، أحد سكان القرية، قال لوكالة شينخوا: “عانى أهالي ودرملي من الفيضانات المتكررة منذ عام 2019. هذا العام كانت الأضرار بالغة، فقد تضررت المباني والماشية والمحاصيل”. وأضاف مصطفى بشرى أن “المنطقة ما زالت مكتظة بالعائلات من نساء وأطفال وكبار سن، وقد فقدنا الحقول والمزارع”.
من جانبه، أوضح علي مبروك، أحد السكان المحليين: “كان فيضان هذا العام هائلاً، المنطقة بأكملها غمرتها المياه، واضطر السكان للنزوح في ظروف قاسية. ما يقلقنا أكثر هو المأوى، نحن ننام في العراء مع الأطفال على أطراف القرية”.
تأتي هذه الكارثة في ظل الأزمة الإنسانية التي يعيشها السودان نتيجة الصراع المستمر منذ أبريل 2023، والذي أدى إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، إضافة إلى إضعاف البنية التحتية، ما جعل مواجهة الفيضانات أكثر صعوبة.
بحسب وزارة الزراعة والري السودانية، اجتاحت الفيضانات هذا العام ست ولايات من بينها النيل الأزرق، سنار، الجزيرة، الخرطوم، النيل الأبيض، والولاية الشمالية. وتشير الوزارة إلى أن العوامل المساهمة متعددة، منها الأمطار الغزيرة، وتغير المناخ، وإطلاق المياه من سد النهضة الإثيوبي الكبير.
في 10 سبتمبر،الماضي بدأت إثيوبيا في تصريف المياه بعد أن وصل خزان سد النهضة إلى سعته القصوى نتيجة موسم أمطار غزير، حيث بلغ معدل الضخ نحو 750 مليون متر مكعب يوميًا. وافتتح السد رسميًا في 9 سبتمبر، وسط استمرار الجدل بين الدول الثلاث (إثيوبيا، السودان، مصر) حول ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ينظم تشغيله.
الحكومة الإثيوبية قالت إن السد ساعد في تقليل حجم الفيضانات التي كان يمكن أن تكون أكثر تدميراً لولا وجوده، بينما يرى خبراء سودانيون أن الأمطار الكثيفة وضعف الجسور والتأثير المتزايد لتغير المناخ هي العوامل الأساسية وراء ارتفاع مناسيب النيل هذا العام.
الخبير البيئي عبد العظيم حركة ربط تفاقم أنماط الفيضانات بزيادة هطول الأمطار والتغيرات المناخية، فيما شدد خبير الموارد المائية سامي عبد الرحيم على ضرورة “إعادة بناء السدود وفق هندسة حديثة، وإنشاء أنظمة إنذار مبكر”، مؤكداً أن مناطق منخفضة مثل ودرملي ستظل عرضة للخطر ما لم تُقام حواجز دائمة.