حفظ حقوق المعلمين سجال بين لجنة المعلمين والنقابة.. من يكسب الرهان


الخرطوم- ابتسام حسن
كان وما يزال الرهان على حقوق المعلمين نقطة خلاف وصراع بين لجنة المعلمين والنقابة العامة للمعلمين، وتفجرت خلافات عدة بين الجانبين بسبب ذلك، في وقت يرى كل جانب أنه يحفظ الحقوق، وبينما كانت ترى النقابة بأنها الجسم الشرعي ترى لجنة المعلمين بأنها الجسم المنتخب من قاعدة المعلمين، وأن النقابة جسم معين من جانب الحكومة وليس له شرعية قانونية.
برز الصراع بين الجسم المنتخب والجسم المعين من جديد إثر قرار أصدرته مسجل تنظيمات العمل آمنة كبر خلال الأيام الماضية، بتكوين لجنة تمهيدية لنقابة المعلمين الأمر الذي رفضته لجنة المعلمين، لا سيما وأنه تم إعادة نفس عناصر نقابة المعلمين في الفترة السابقة، ووصفت اللجنة ذلك بأنه إعادة تدوير لنظام الإنقاذ في إشارة إلى أن عناصر اللجنة التمهيدية هي نفس عناصر النقابة في عهد الإنقاذ .
وفي وقت سابق كان الاستقطاع من مرتبات المعلمين يشكل خلافًا بين الجسمين خاصة أن المعلمين كانوا قد شكوا مر الشكوى من كثرة الاستقطاعات في حين أنها لا تعود للمعلم بفائدة تذكر، لا سيما أن النقابة تفاخرت في سنوات مضت بإنشاء صالة المعلم التي تعتبر أكبر صالة للمناسبات في وقتها في دول الجوار، غير أن المعلمين أكدوا وقتها بأنها لا تعود إليهم بفائدة غير أن مستشفى المعلم الذي اعتبره البعض فيه فائدة للمعلم خاصة وأن المعلمين يتم علاجهم بتكلفة أقل من بقية فئات المجتمع الأخرى .

(قرار آمنة كبر قرار مرفوض جملة وتفصيلًا، والقرار يعتبر انتكاسة للثورة النقابية)، هذا ما صرحت به القيادية بلجنة المعلمين قمرية عمر في حديثها لـ(أفق جديد)، بل اعتبرت أن القرار يخضع لسلطة الأمر الواقع وأن قرار تكوين اللجنة التمهيدية الذي صدر وفقًا لقانون من مسجل تنظيمات العمل يعمل على إرجاع القهر والذل والاستبداد الذي كان قائمًا في وقت سابق ممثلًا في عهد الإنقاذ، وـكدت أن القرار ضد قانون تنظيمات العمل ٢١٠ وضد الدستور الانتقالي السابق وضد اتفاقيات منظمات العمل الدولية للعام ١٩٤٨ والعام ١٩٤٩ الموجودات بالاتفاقية رقم (٧) للعام ٢٩٨٨ والعام ٢٩٩٨ .
كل الاتفاقيات التي ذكرت آنفًا تكفل الحق للعاملين بأن ينتسبوا إلى تنظيمات واتحادات منتخبة، رافضة أن يتم تعيين نقابات الهدف منها أن تجثم على صدور المعلمين وإعادة ذلهم وقهرهم، حسب تعبيرها .
معاناة المعلمين حسب تاريخ سابق تتضح في تحديد الحد الأدنى للأجور الذي كان يبلغ (١٢) ألف والحد الأعلى (٩٦) ألف، والمعلوم أن العاملين بالدولة بعد الحرب لم يصرفوا مرتباتهم كاملة التي تم الخصم منها الكثير من العلاوات، خاصة المعلمين.
تدوير تعيين النفايات توصيف أدلت به قمرية في إشارة إلي تعيين عناصر سابقة في اللجنة التمهيدية الحالية، واعتبرت أن الهدف من ذلك تجويع المعلمين، مشيرة إلى الحق الديمقراطي للعاملين في الدولة في اختيار من يمثلهم ويحفظ حقوقهم، وجددت قمرية رفضها لقرار تكوين اللجنة التمهيدية للأسباب الآنفة الذكر.

غير أن هناك آراء مناوئة لرأي لجنة المعلمين تجد أن تكوين جسم النقابة في الظرف الراهن التي تمر به البلاد ضرورة خاصة في ظرف الحرب .
وفي هذا الصدد أفاد الخبير التربوي إمام عبد الله الإمام في حديثه لـ(أفق جديد) بقوله: “لا شك في أن وجود جسم حيوي وقوي يتمثل في وجود نقابة شرعية منتخبة من قبل المعلمين يعد أمراً ضرورياً وحتمياً تقتضيه الظروف الاستثنائية التي يعايشها المعلم، وعلى رأسها قضايا متمثلة في ضعف المرتب وتأخره عن ميعاده وتأخر معاشات المعلمين لعامين ومتأخرات الأعوام ١٩٢٣ __ ١٩٢٤.
ويرى أنه في ظل غياب النقابات والاتحادات تغيب كثير من المكتسبات التي كان يحظى بها المعلم قبل الحرب مثل محفظة المعلمين وخدمات مستشفى المعلم وإسهامات اتحاد المعلمين في ترقية المهنة، والدعم الذي كان يقدم لمعاشيي الخدمة. ونوه الإمام أنه في ظل غياب هذه الأجسام والنزاعات والصراعات بين لجنة المعلمين والنقابة التي كانت تمثل الشرعية المنتهية مدتها تظل قضايا المعلم ضحية هذه الصراعات والنزاعات التي دفع ثمنها المعلم نتيجة ضعف الصوت وخفوته وسط انقسامات حادة استحال على العقلاء احتواءها بحكمة وروية.
ورفض الإمام كل ما أدلت به لجنة المعلمين وذهابها إلى أن عودة النقابة الشرعية تعتبر عودة للمؤتمر الوطني ووصفها بالحجة السمجة، واعتبر ذلك قصد منه استدرار عاطفة الكارهين للمؤتمر الوطني لا سيما وأن المؤتمر الوطني لم يعد أصلاً ولن يعود إلا عبر انتخابات حرة بعد أن تضع الحرب أوزارها، وتعود الأنظمة الديمقراطية. ومضى إلى أن الدولة في حالة انسياب وهي تصارع وتقاتل بجيشها من أجل تثبيت أركانها التي كادت تعصف بها “المليشيا المتمردة” والمدعومة من جهات أجنبية أفلحت في صناعة العملاء والجماعات المتفلتة التي تريد أن تستثمر أجندتها مستغلة هذا الانسياب.

 

Exit mobile version