سابقة تاريخية : القضاء الأمريكي يُدين بنكاً فرنسياً بدعم نظام البشير ويمُنح ثلاثة لاجئين سودانيين 20 مليون دولار

 

نيويورك – أفق جديد

أصدرت هيئة محلفين في المحكمة الفيدرالية بمانهاتن، يوم الجمعة، حكمًا قضائيًا يُلزم بنك “بي إن بي باريبا” الفرنسي بدفع 20.75 مليون دولار أمريكي لثلاثة لاجئين سودانيين، بعد أن حمّلته مسؤولية المساعدة في تمويل نظام الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، الذي ارتُكبت في عهده انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

وأقرّت هيئة المحلفين، المكونة من ثمانية أعضاء، بدعوى المدعين الثلاثة – رجلين وامرأة أصبحوا جميعًا مواطنين أمريكيين – الذين رووا للمحكمة تفاصيل تعذيب وحرق وطعن واعتداءات جنسية تعرضوا لها على يد القوات الحكومية وميليشيا الجنجويد خلال النزاع في دارفور.

قالت إحدى الضحايا، انتصار عثمان (41 عامًا)، في شهادتها المؤثرة أمام المحكمة:”لم يبقَ لي أقارب… لقد فقدت كل شيء بسبب تلك الحرب.”

من جانبه، وصف محامي المدعين بوبي ديسيلو الحكم بأنه انتصار للعدالة والمساءلة، مضيفًا: “أقرت هيئة المحلفين بأن المؤسسات المالية لا يمكنها غضّ الطرف عن عواقب أفعالها أو عن تمويلها لأنظمة قمعية.”

أما بنك “بي إن بي باريبا”، فقد رفض نتائج الحكم، مؤكدًا أنه يعتزم استئنافه. وقال متحدث باسم البنك إن القرار “خاطئ بشكل واضح” وإن المحكمة تجاهلت “أدلة مهمة لم يُسمح للبنك بتقديمها”، معتبرًا أن القضية تستند إلى “تحريف للقانون السويسري المطبق”.

وأوضح محامو الدفاع أن أنشطة البنك في السودان، التي امتدت من أواخر التسعينيات حتى عام 2009، كانت قانونية بموجب القوانين الأوروبية، وأن مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي كانت تتعامل مع الحكومة السودانية في تلك الفترة.

لكن هيئة المحلفين رأت أن البنك، الذي وفر خطابات اعتماد مالية مكّنت الخرطوم من تصدير النفط والقطن وسلع أخرى، قد ساهم فعليًا في تمويل النظام ومساعدته على مواصلة حملاته العسكرية ضد المدنيين.

وقال المحامي باري بيرك، أحد محامي الدفاع: “من غير العادل تحميل بنك بي إن بي باريبا مسؤولية جرائم ارتكبها النظام السوداني، فحتى من دون البنك، كانت تلك الانتهاكات ستحدث.”

يمثل هذا الحكم سابقة قانونية مهمة تفتح الباب أمام ضحايا أنظمة قمعية لملاحقة المؤسسات المالية المتورطة في تمويلها، ويعد من أبرز القضايا التي تربط بين الأعمال المصرفية الدولية والانتهاكات الإنسانية في أفريقيا خلال العقدين الماضيين.

 

 

Exit mobile version