نيرفانا.. مجابهة الحرب بالمكتبات

أعلنت مؤسسة نيرفانا الثقافية عن مبادرة جديدة تهدف إلى توفير مكتبة ثقافية في كل حي بالبلاد، بمعدل 30 مكتبة لكل ولاية في السودان، بإجمالي 1500 كتاب. تشمل المكتبات مجموعة متنوعة من الكتب في مجالات الأدب والتاريخ وعلم النفس والمعارف الإنسانية الأخرى. تبدأ المبادرة من ولاية سنار، على أن يُجرى تصويتٌ انتخابيٌّ بين رواد المؤسسة ومتابعيها لترشيح الولاية التالية، وذلك في اليوم الأول من نوفمبر المقبل.

وسيلة حسين

توقيت مثالي

ترى غيداء عبدالله، مديرة البرامج في مؤسسة نيرفانا الثقافية، أن توقيت إطلاق المبادرة الطموحة مثالي جدًا لخدمة أكبر عدد ممكن من المجتمع، خاصة بعد أن دمّرت الحرب معظم المكتبات واختفت الكتب الثقافية من الأسواق تمامًا. ومع الانقطاع المستمر للكهرباء وصعوبة الوصول إلى الإنترنت في كثير من المناطق، أصبحت القراءة مطلبًا هامًا يمكن للمكتبات الصغيرة في الأحياء أن تسد جزءًا منه.

وتقول في حديثها إلى “أفق جديد”:

> “هذا التوقيت الحرج من عمر السودان يتطلب أن نواجه فيه التحديات المُحدقة بنا من كل جانب، عبر المعرفة وتطوير الذات ورفع الوعي، أملًا في مستقبل واعد يخدم السودان وأهله بالشباب.”

وتُضيف أن غياب التعليم، والمؤسسات التعليمية والمعرفية، والمراكز الثقافية، والوزارات، يجعل من هذا الهم أولوية قصوى. وتأمل أن تسد المؤسسة ولو جزءًا من هذه الفجوة المعرفية التي تتسع كل يوم.

نيرفانا ومسيرة المكتبات

تأسست مؤسسة نيرفانا في العام 2017، وتهدف إلى رفع الوعي الثقافي، وترقية الآداب والفنون، ودعم الشباب. وبدأ اهتمام المؤسسة بدعم المكتبات منذ العام 2020، بافتتاح نحو 6 مكتبات عامة في كل من كسلا، نيالا، القضارف، بورتسودان، معسكر كلمة للاجئين، والمكتبة الرئيسية في الخرطوم.

كما دعمت المؤسسة مكتبات الأحياء في مناطق مختلفة، مثل مكتبة اليرموك بجنوب الحزام، ومكتبة الصالحة في أم درمان، إلى جانب عدد من مكتبات الجامعات بالكتب والمراجع الطبية، مثل مكتبة جامعة شمال كردفان بالأبيض ومكتبة جامعة الجزيرة، وغيرها من المبادرات.

قراءة يومية

تواصل المؤسسة دعمها لهذا القطاع الحساس والمهمَل، وقد خصّصت إدارة المؤسسة حوالي 10,000 كتاب لدعم مكتبات الأحياء، بهدف تشجيع القراءة والتثاقف، ومن ثم إقامة فعاليات ومنافسات بين أندية القراءة في الأحياء، أملًا في تعويض الضرر الذي خلّفته الحرب على محبّي القراءة.

وتقول غيداء: “الكتاب المقروء مرة واحدة على الأقل ، أفضل من كتاب جميل بلا فائدة ؛ لذلك وضعنا شعار هذه المبادرة : ابقَ حيًّا في كل حيٍّ بالمكتبة.”

وتضيف: “نُجابه تحديات كثيرة في ظل انحسار المشهد الثقافي وتقهقره بسبب الحرب، والتي سبقتها ثلاثون عامًا من الإهمال المريع للمكتبات العامة من قبل وزارات الثقافة. كما أن غياب التمويل وتراجع الشركات التي كانت تخصص جزءًا من ميزانية التنمية المجتمعية لدعم طباعة الكتب أو رعاية المعارض، يمثل تحديًا إضافيًا.”

وتتابع:

منذ انطلاقها، سعت المؤسسة إلى نشر “عدوى الثقافة”، وخلق بيئة ثقافية جديدة تكون فيها المعرفة فعلًا يوميًا وسلوكًا ممنهجًا. وقد أدت الحرب إلى تدمير كامل في هذا القطاع، ولكن المؤسسة وضعت خطة طوارئ منذ بدايتها، وبدأت في نقل العديد من الكتب والإصدارات إلى مقر بديل في ولاية سنار، التي كانت آمنة نسبيًا.

ومع تزايد التحديات الناتجة عن النزوح المستمر وصعوبة التيار الكهربائي — ما ينعكس على إمكانية القراءة داخل المكتبة — جاءت فكرة مكتبات الأحياء، حيث يمكن للجميع القراءة في الأوقات المناسبة، وتشجيع التواصل المجتمعي عبر فكرة إعارة الكتب وتنظيم نادي قراءة ونقاش في كل حي.

وتختم غيداء: “إكتملت التحضيرات في ولاية سنار لإنطلاق المبادرة ، ونعمل حالياً على إختيار أمناء مكتبات الأحياء التي سيتم تدشينها في نوفمبر المقبل، مع فتح باب التوسّع نحو ولاية جديدة لإنشاء 30 مكتبة في 30 حيًا سكنيًا مختلفًا.”

وتؤكد:” هذة المبادرة مدعومة بالكامل من مؤسسة نيرفانا ، ولا توجد لها أي شراكات أو دعم مالي أو تعاون مع جهات أخرى . تعتمد المؤسسة على وسائلها المتواضعة في شحن الكتب من المخازن في الخرطوم أو سنار ، فيما يتطوع الأمناء المختارون في كل ولاية لحفظ الكتب في أماكن آمنة ، وتنظيم إعارتها ، وإقامة نادي القراءة مرتين كل شهر . “

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى