الفاشر بين الانتهاكات وتناقض المجتمع.. كارثة إنسانية تتطلب تحركًا عاجلًا

بقلم : وئام كمال الدين

تتوالى الكوارث على السودان، الذي يعيش أعظم كارثة إنسانية في هذا العصر بسبب حرب 15 أبريل 2023. والحرب التي بدأت في الخرطوم تطال البلاد جميعًا، فها هي الفاشر تعيش مأساة إنسانية بدأت بالجوع والمرض نتيجة حصارها، وتزايدت بانسحاب قوات الجيش والقوات المشتركة منها وسيطرة الدعم السريع عليها.

والفاشر التي تتعرض لانتهاكات جسيمة ترقى إلى أن تكون جرائم حرب على يد قوات الدعم السريع، نتج عنها مقتل أكثر من خمسمائة مدني خلال الأيام القليلة الماضية، معظمهم من النساء والأطفال. وتوثق أيضًا حالات إعدام ميداني واختطاف وتهجير قسري ومصير مجهول ، مما يثير قلقًا دوليًا متزايدًا.

 المجتمع الدولي أدان هذه الانتهاكات الجسيمة، وأكد على ضرورة السعي لمحاسبة المسؤولين عنها. كما عقدت بريطانيا اجتماعًا لرؤساء البعثات الدبلوماسية للتأكيد على ضرورة حماية المدنيين.

والعالم يتعاطف مع السودان، ويدعو إلى وقف إطلاق النار. وسائل التواصل الاجتماعي تضج بحملات التضامن مع السودانيين تحت هاشتاق “انقذوا السودان”. ولكن، يبقى السؤال: كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يتحرك بشكل فعال لإنقاذ المدنيين في السودان؟

يجب على الأطراف المتنازعة أن تلتزم بوقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حل سياسي ينهي هذه المأساة الإنسانية. كما يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

آفة هذا النزاع الاجتماعية تكمن في التناقض الذي يبدو واضحًا بين مطالب بعض السودانيين باستمرار الحرب ورفض التفاوض، مع مطالبتهم في الوقت نفسه للمجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذهم. لا يمكن أن نتعامل مع التدخل الدولي بشكل انتقائي، فالموقف من الانتهاكات يجب أن يكون مبدئيًا وغير قابل للتجزئة أو التصنيف حسب مرتكبه. لقد قام طرفا الحرب بارتكاب جرائم ضد المدنيين، والتفاوت في حجم الجرم لا يبرئ أحدهم منها.

ويبقى الأمل ألا تمر محنة الفاشر دون أن تلفت المجتمع السوداني أولًا إلى ضرورة توحده ضد القتل والانتهاكات وضد الحرب، وأن تحرك هذه المحنة المجتمع الدولي تجاه مسؤولياته الإنسانية والسياسية تجاه كوارث الحرب التي يعاني منها السودانيون… وأن تفتح بابًا للسلام.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى